ميزانية المملكة لعام 2010م تعكس التعافي السريع لاقتصادها
تتمتع المملكة العربية السعودية بوضع يؤهلها لجني ثمار الانتعاش الاقتصاد العالمي. هذا ما أوضحه تقريرٌ لكبير الاقتصاديين بالأهلي كابيتال، الدكتور يارمو كوتيلين، والذي يسلط الضوء على أكبر ميزانية في تاريخ المملكة، حيث يوضح أن الإنفاق الحكومي المتزايد، بما في ذلك الإنفاق على البنيتين التحتيتين المادية والاجتماعية، إلى جانب المبادرات الحكومية الأخرى الرامية إلى التنويع الاقتصادي، سيدعم على ما يبدو عودة الاقتصاد سريعاً إلى مسار نمو المملكة التاريخي.
العام 2009م شهد تسجيل المملكة لأول عجز فعلي في الميزانية منذ ثمانية أعوام. وقد بلغ العجز الفعلي 45 مليار ريال سعودي، وهو أقل مما كان متوقعاً في ميزانية العام 2009م التي بنيت على عجز قدره 65 مليار دولار، وذلك بفضل تحسن أسعار النفط الخام، حيث بلغ متوسط سلة أوبك 60 دولار للبرميل، والذي ما زال أعلى بكثير من السعر 44 دولار للبرميل الذي تم افتراضه في ميزانية 2009م.
"في الوقت الذي توقعنا فيه انكماش الاقتصاد السعودي (بالقيمتين الحقيقة والاسمية على السواء) خلال العام 2009م، تفاجئنا بتحقيق الاقتصاد نمواً في الناتج القومي الإجمالي بمعدل حقيقي قدره 0,15%. وبالتزامن مع مبادرات التنويع، جاء هذا النمو بدرجة كبيرة مدفوعاً بقوة القطاع غير النفطي الذي نما بنسبة 3% في 2009م، مقابل الانكماش الحاد في قطاع النفط نتيجة لخفض حصص إنتاج أوبك وانخفاض الأسعار، فيما نما القطاع الخاص بنسبة 2,5% والقطاع العام بنسبة 4%.
ووفقاً للتقرير، لم تكن المملكة في منأى عن الهبوط الاقتصادي العالمي، فقد انخفضت أسعار النفط، لينخفض على إثرها الحساب الجاري للدولة في 2009م. ووفقاً لمؤسسة النقد العربي السعودي، فإن الفائض في الحساب الجاري للمملكة انخفض بنسبة 84,5% من 496,2 مليار ريال (أو 28,6% من الناتج القومي) في العام 2008م، إلى 76,7 مليار ريال (5,5% من الناتج القومي) في العام 2009م.
وتتوقع الحكومة حالياً تحقيق إيرادات قدرها 470 مليار ريال في ميزانية العام 2010م، أي بزيادة قدرها 14,6% عن مستواها في الميزانية التقديرية لعام 2009م وهو 410 مليار ريال، كما تتضمن الميزانية إنفاقاً حكومياً بقيمة 540 مليار ريال، وهو ما يزيد بنسبة 13,7% عن مستواه في 2009م وهو 475 مليار ريال. العائد المتوقع والإنفاق للعام 2010م يشير إلى عجز في الميزانية قدره 70 مليار ريال. ويستنتج تقرير الأهلي كابيتال هنا أن سلسلة الفوائض منذ العام 2002م وضعت المملكة في موقع مالي سليم يمكنها من توسيع سياستها المالية لضمان استقرار الاقتصاد المحلي في ظل البيئة الاقتصادية العالمية التي تتسم بالتحدي.
ملخص الميزانية الذي جاء في التقرير، يشير إلى تخصيص 48% من ميزانية المملكة لعام 2010م (ما يقارب 260 مليار ريال) للمشاريع الاستثمارية الرأسمالية، الأمر الذي يؤكد عزم السلطات السعودية تعزيز البنية التحتية الأساسية، وتنويع الاقتصاد. كما تمت زيادة الإنفاق على التعليم والتدريب إلى 137.6 مليار ريال. وتشمل المشاريع الجديدة بناء 1,200 مدرسة جديدة وترميم أبنية 2,000 أخرى قائمة على مدى العام 2010م. كذلك، تم تخصيص مبلغ 61,2 مليار ريال (ما يقارب 11% من إجمالي الإنفاق) لقطاع الصحة والخدمات الاجتماعية، ويتضمن ذلك بناء 92 مستشفى جديدة بسعة سريرية تبلغ 17,150 سرير، إضافة إلى عدد من مراكز الرعاية الأولية.
وقد أعلنت الحكومة عن تخصيص 23,9 مليار ريال لأغراض تعبيد الطرق، وتطوير الموانئ، والمطارات، وخطوط السكة الحديدية، واستحداث خدمات بريدية جديدة، أيضاً هناك خططٌ لإنفاق 8,5% (46 مليار ريال) من الميزانية على مشروعات المياه، وشبكات الصرف الصحي. وتتضمن ميزانية 2010م تخصيصات تصل إلى 48,3 مليار ريال للقروض عبر مؤسسات إقراض متخصصة، بما في ذلك صندوق التنمية العقارية، وصندوق تطوير الصناعات السعودية، وبنك التسليف والادخار السعودي، وصندوق التنمية الزراعية، وصندوق الاستثمارات العامة، وبرنامج الإقراض الحكومي.
هذا، وتتوقع الأهلي كابيتال نمو متوسط الناتج المحلي الإجمالي لقطاع النفط بنسبة 4,3% خلال العام 2010م، وذلك وفقاً لتقديراتها لمتوسط أسعار النفط عند 73 دولار للبرميل، كما تتوقع الشركة أن يكون الفائض التقديري في ميزانية العام 2010م بحدود 80 مليار ريال، مقابل العجز الذي تتوقعه الحكومة حالياً بمقدار 70 مليار ريال.