منتدى جدة الاقتصادي: عالمية المواضيع ومحلية الطرح سمة جلساته، ونقلة نوعية بإشراك الشباب في آخر أيامه
كعادته كل عام يطل منتدى جدة الاقتصادي يحل بإطلالة متجددة، "إنه دافوس الخليج" كما وصفه أحد ممثلي وزارة الاقتصاد الروسية في حوار جانبي مع عربيات، المنتدى الذي امتاز في دورته الحادية عشر بتنظيم شهد به الحضور المحلي والدولي، ولعل الخبرات التراكمية لمنظمي المنتدى كان لها الأثر البالغ في نجاحه هذا العام.
منطقة مكة تشهد حراكاً على كافة المستويات
في البداية، تحدث وكيل أمارة منطقة مكة المكرمة معالي الدكتور عبد العزيز الخضيري إلى عربيات حول الحراك الذي تشهده منطقة مكة المكرمة، مؤكداً على دعم أمارة المنطقة لجميع الأنشطة على تعددها قائلا: "منطقة مكة المكرمة تعيش حراكا على عدة مستويات، ويوجد في مدن ومحافظات منطقة مكة المكرمة الكثير من الأنشطة على مدار العام سواء الملتقيات أو المنتديات أو ورش العمل أو المؤتمرات، فلقد أتيت اليوم من منتدى لحضور المنتدى الاقتصادي، والآن أترككم وأتجه لمنتدى مؤسسة ماجد بن عبد العزيز للعمل الاجتماعي."
وشدد الخضيري على ضرورة استفادة شباب وشابات الأعمال من هذه الملتقيات والفعاليات، قائلاً: "هناك اهتمام ملموس باشراك الشباب وتفعيل دورهم من خلال الغرف التجارية، كما أنه تحت مظلة مجلس منطقة مكة المكرمة توجد لجنة شبابية وأحد القطاعات التي تعنى بها هذه اللجنة قطاع شباب وشابات الأعمال الذين نؤمن بأنهم رافد هام للإقتصاد المحلي".
عالمية المواضيع ومحلية الطرح والحضور المتميز من معايير النجاح
الشيخ صالح كامل رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية علق على تقييمه للمنتدى هذا العام بقوله: "لقد بذلنا جهدنا في الإعداد لهذا المنتدى والتوفيق والنجاح من الله عز وجل، وانتظر أن يحكم هذا الحضور الكبير والمتميز والذي يضم مختلف شرائح المجتمع، أما من وجهة نظري الشخصية وبناءًا على المخرجات الأولية علي أداء المنتدى أعتقد بأنه حقق أهدافه، وبدت الأصداءالتي استقبلتها حتى الآن إيجابية لكن لا أعرف إن كانت التهاني مجاملة أو حقيقة، فهذا دور الإعلام الذي نتمنى أن يعكس لنا حقيقة التقييم بشفافية".
أما الدكتور ماجد القصبي رئيس منتدى جدة الاقتصادي فأبدى سعادته بما حققه منتدى جدة الاقتصادي في دورته الحادية عشر وأعرب عن ذلك بقوله: "أعتقد أن المنتدى نجح ولله الحمد، ومعايير النجاح يمكن قياسها بنوعية المتحدثين وشمولية المواضيع وعالميتها ومحلية الطرح والحضور الممتاز ولاشك بأن هناك بعض الاقتراحات ومن الممكن تلافيها مستقبلا، وأعتقد أن الاستبيان الذي تم توزيعه على جميع المشاركين لمعرفة رؤاهم وتقييمهم سيساعدنا على القياس". ويؤكد القصبي على أن للمنتدى مخرجات عديدة ومبادرات، قائلاً: "هذا المنتدى بدون شك خرجت منه مبادرات وبعض المقترحات وفيه تعارف بين الشرق والغرب في جدة، فبداية أي عمل هو التعرف على البلد ورجال الأعمال والفرص الاستثمارية، فهناك عدد كبير من المشاركين من خارج المملكة سواء من روسيا أو أمريكا أو تركيا أو شرق آسيا وهذه المجموعة الكبيرة التي حضرت تبحث عن التعرف على رجال الأعمال وهذا التعارف بالتأكيد يؤثر إيجاباً على زيادة الفرص الاستثمارية."
وحول طغيان السياسة على الاقتصاد في مواضيع المنتدى يقول القصبي: "المواضيع كلها اقتصادية، ولا يوجد شك بأن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، فوما تشهده المنطقة لا يمكن إغفاله لذلك جاءت الأسئلة متمثلة في هاجس الساعة، أما المنتدى فهو اقتصادي بحت وكل مواضيعه اقتصادية". وحول إمكانية اشراك منشآت شباب وشابات الأعمال في المعرض الملحق بالمنتدى لاستثمار فرص التوسع المحلي والاقليمي والدولي، يقول: "الفكرة جيدة وتستحق الدراسة، ففي الواقع المنتدى يركز على الجلسات بشكل أكبر ولكن كونه منتج وطني برؤية عالمية ونظرة محلية، فبإمكاننا دراسة جميع الأفكار التطويرية والتي بوسعها أن تعود على مجتمع الأعمال بمختلف شرائحة بالفائدة".
السعي إلى فتح مجالات الشراكة المحلية مع جميع دول العالم
المهندس مازن بترجي تحدث عن تقييمه للمنتدى قياساً بالدورات الماضية، قائلاً: "شهادتي مجروحة في المنتدى كوني أحد أعضاء مجلس إدارة الغرفة التجارية، لكن ألمس أن المنتدى يحقق كل عام نجاحات أكبر من العام الذي سبقه، والتواجد العالمي أكبر هذا العام، فلقد شاركت أكثر من 70 دولة في فعاليات المنتدى، كما أن دولتين كان لوفودهم تمثيل عالي كالوفد التركي والروسي، والحضور بشكل عام جيد والمواضيع تناولت تجارب من الممكن الاستفادة منها محليا أو عالميا".
وحول المعرض الروسي المصاحب للمنتدىومدى رضاءه عن الإقبال عليه، يقول: "نتطلع إلى أن نفصل في العام المقبل المعرض عن موقع المنتدى والجلسات، ليقام المعرض على سبيل المثال في مركز جدة للمعارض على مساحة واسعة، وتتاح الفرصة للإستفادة من التبادل التجاري من خلاله بشكل أكبر، وهذه الفكرة ستكون محل الدراسة". وأوضح أسباب اختيار المعرض الروسي هذا العام بقوله: "علاقة السعودية بروسيا علاقة قديمة، وهي أول دولة اعترفت بالمملكة العربية السعودية، والعلاقة الاقتصادية البينية بين الطرفين ضعيفة، وقد حرصنا على إشراك روسيا في المعرض تشجيعاً لها خاصة وأن فرص التعاون معها محلياً في مشاريع عملاقه متاح، حيث تستأثر حالياً أمريكا وأوربا بالمشاريع الكبيرة التي تقام في المملكة، لذا سعينا إلى تواجد دول وشركات أخرى قد نصل من خلالها إلى الحصول على أفضل الأسعار والموازنة بين شركائنا في هذه الدول، فمن المهم لنا كرجال أعمال تكوين علاقات اقتصادية وتجارية مع جميع دول العالم".
وعن نتائج زيارة الوفد الروسي يقول بترجي: "تم توقيع اتفاقية بين غرفه جدة وغرفة تجارية تابعة لأحدى الجمهوريات الروسية تمهيدا لعدد من الشراكات المستقبلية".
وحول غياب منشآت شباب الأعمال عن المشاركة في المعرض، يقول: "هذه فكرة جيدة في حال توفر المكان المناسب للمعرض، وربما يكون التفكير مستقبلاً في عرض بعض منشآت شباب الأعمال إلى جانب الشركات المحلية والعالمية".
إشراك الشباب في الجلسات يعد نقلة نوعية متميزة للمنتدى
رجل الأعمال وعضو مجلس الغرفة التجارية الأستاذ زياد البسام أكد لـعربيات أهداف المنتدى من استقطاب الوفود الدولية قائلاً: "لو نظرنا إلى أهداف منتدى جدة الاقتصادي ككل لوجدنا أن من بينها ترسيخ مكانة مدينة جدة كمدينة اقتصادية على مستوى مدن المنطقة ككل وهذا الأمر قد تحقق بالفعل، وأيضاً من أهداف منتدى جدة الاقتصادي استقطاب الخبرات المختلفة العالمية إلى مدينة جدة ليستفيد منها رجال الأعمال وشباب الأعمال مع تهيئة البيئة المناسبة التي بوسعها أن تسهم في إيجاد شراكات مستقبلية بين الوفود الاقتصادية ورجال الأعمال، بالإضافة إلى نقل التجارب الناجحة من دول العالم إلى جدة، وكل هذه الأمور تنعكس إيجاباً على مجتمع الأعمال". وعن تقييمه لهذه الدورة، يقول: "منتدى جدة الاقتصادي يتميز في كل دورة عن الأخرى، وهذه الدورة تضمنت تميز مشاركة الوفود الخارجية خاصة الوفد التركي والوفد الروسي والوفد البريطاني وغيرهم، كما أن تخصيص اليوم الأخير لتجارب الشباب وعرض مبادارتهم الناجحة بالإضافة للحوار المفتوح الذي جمعهم بأمير منطقة مكة المكرمة يعتبر نقلة نوعية مميزة لإشراك الشباب في المنتدى بشكل فعال."
المعرض الروسي المصاحب للمنتدى تحت مجهر عربيات
وفق استطلاع أجرته عربيات حول زيارة المعرض المصاحب لمنتدى جدة الاقتصادي، اعتبرت الشريحة المستطلعة أن عدم الإعلان عن المعرض بشكل كاف، بالإضافة إلى أجندة المنتدى المزدحمة بالجلسات الهامة كانت من أسباب ضعف الزيارة للمعرض، حيث أكدت النتائج أن نسبة 58% لم تقم بزيارة المعرض، في مقابل 42% قاموا بزيارته.
وتفصيلاً للأسباب أبدى 77% من المستطلعين الذين لم يزوروا المعرض أنهم لم تكن لديهم خلفية عن وجوده وموقعه، بينما 23% منهم لم يجدوا فرصة لزيارته، أما من قاموا بزيارته فرأى 50% منهم أن المعرض كان جيدً، في مقابل 30 % كان من وجهة نظرهم دون المستوى، و10% لم يبدوا تقييما عنه، بينما قيمه 10% بالممتاز.
ممثلو الوفد الروسي: المشاركة تفتح آفاق جديد للتعاون الثنائي بين البلدين
السيد رينات ياتيلين – ممثل إحدى الشركات الروسية المشاركة في المعرض يقول: "أعجبت بالمنتدى الاقتصادي وبالتنظيم، بالإضافة إلى الأجندة والمحاور الرئيسية التي تم طرحها في جلسات المنتدى، وقد حضرنا المعرض لعقد شراكات مع رجال الأعمال في السعودية، وبالفعل نحن في الطريق للتوقيع على شراكة اقتصادية مع إحدى الشركات".
السيد الكسندر فيلمونوف ممثل لشركة أسمدة روسية يقول عن مشاركته في المعرض المصاحب للمنتدى: "الشركة التي أمثلها تقوم بتصنيع الأسمدة، ومشاركتنا في المعرض جاءت لتطلعنا إلى شراكة عربية، فالطبيعة الصحراوية للملكة تجعل هذه المادة التي ننتجها مفيدة ومهيئة لاستخدام القطاع الزراعي في السعودية، وقد قمنا بالتواصل مع بعض الشركات السعودية المهتمة بهذا المجال، ولمسنا الرغبة بالتعاون، علماً بأننا لا نهدف من هذه الزيارة إلى توقيع اتفاقيات بقدر ما نسعى إلى التعرف على السعودية، وعلى انفتاح رجال وسيدات الأعمال لعقد شراكات مع شركات روسية".
ويقيم السيد فيلمونوف منتدى جدة قائلا: "المنتدى كان رائعا، وهو ممثل جيد للمملكة العربية السعودية، ويساعد للتعرف علي اقتصادها كما أنه فرصة للتواصل مع قطاع الأعمال وفتح آفاق جديدة للشراكة".
السيد رائل فخريتينوف يقول عن مشاركته في المعرض: "أنا ممثل شركة تصنيع البلاستيك ونتطلع أن تكون السعودية ممثل لنا في الشرق الأوسط، وقد نتج عن هذه الزيارة عدد من المباحثات مع شركة سابك قد تنتهي بتوقيع اتفاقية معهم، كما نتج عن حضورنا المنتدى معرفة أفاق التعاون الثنائي بين البلدين وحجم ووزن التوريد والاستيراد بين البلدين".
المعرض قيمة ثانوية مضافة للمنتدى
وكنموذج لمخرجات المعرض التقت عربيات بالمهندس حامد خليل نائب رئيس شركة (ناتبيت) السعودية الذي قال: "وجدناها فرصة لتعريف الشركات الروسية بمنتجنا (البروبيلين) الذي يتميز بجودته حيث نستخدم أحدث وسائل الإنتاج، والسوق الروسي من الأسواق التي لا تزال تفتقر لمنتجات بنفس الجودة، بالرغم من أن لديهم إنتاج لكن بجودة أقل نسبيا عن الجودة التي نوفرها"، ويضيف خليل عن المعرض المصاحب للمنتدى قائلاً: "المساحة المخصصة للعرض تعتبر صغيرة وهذا أمر مقبول خاصة وأن الفعالية الرئيسية هي المنتدى وليس المعرض، فالمعرض مصاحب وليس الأساس ولكنه قيمة مضافة للمنتدى".
البيروقراطية ربما تعيق من الشراكات الأجنبية
الإعلامي كمال عبد القادر قدم لـ عربيات رؤيته حول المعرض الروسي المصاحب لمنتدى جدة الاقتصادي بقوله: "اللغة تشكل عائق في التواصل مع الشركات العارضة مما جعل المعرض يبدو وكأنه متحف بوسعك أن تطلع عليه دون التواصل مع الأشخاص"، وحول إنعكاس تواجد الوفود الأجنبية على البيئة الاستثمارية، يقول: "البيئة والوعاء الاستثماري في البلد ربما يكون ضيق بالنسبة لهم كما أن البيروقراطية مرهقة لرؤوس الأموال".
استقطاب الاستثمار الأجنبي أهم من استيراد المنتجات بغرض استهلاكها
المهندس الحسن الشيباني موظف بالقطاع الخاص ومالك سابق لشركة تقنية تحدث عن الوفود الأجنبية والشريحة المستفيدة منها قائلاً: "روسيا من الدول العظمى ولابد أن نستفيد من خبرتها في عدد من المجالات مثل التعدين والزراعة والصناعة والبناء وفي البنية التحتية التي نعاني من سوءها، وكنت أتمنى إشراك شباب الأعمال وحتى الموظفين في هذه اللقاءات بإشعارهم عنها قبل إقامتها بوقت مناسب ليتسنى لهم حضورها ويتسع نطاق الاستفادة منها"، وعن سلبيات المعرض، يقول: "توقعت أن يكون المعرض أكبر، وأتمنى أن يكون لدى الشركات الروسية الرغبة الفعلية بالإستثمار في المملكة وليس فقط بتسويق منتجاتها، فعلينا الخروج مع قالب الإستيراد والاستهلاك إلى استقطاب الاستثمار الخارجي وبناءًا على ذلك يمكننا تقييم نجاح المعرض".
ضيق الوقت المخصص للمداخلات، وتكرار المتحدثين أبرز عيوب المنتدى
من جانب آخر أبدت المدير التنفيذي لشركة (سبوت لايت) امتعاضها من الأسلوب الذي اتبعه معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار بسبب على إتاحة المجال للحوار معه وعدم تجاوبه مع الإعلام، قائلة: "لايمكن أن نتحدث دون أن نعطي مساحة للنقاش وطرح الحلول، وإذا كانت المشكلة حقاً في ضيق الوقت فهذه مشكلة تنظيم، كما أنني كنت أتمنى أن يتم تخصيص مساحة لهيئة الاستثمار تقيم من خلالها ورشة عمل جانبية للمستثمرين تعرف من خلالها مقترحاتهم ورؤاهم. فلقد حضرنا إلى المنتدى للحوار مع هيئة الاستثمار وهذا ما لم يكن متاحاً لنا".
أحد ضيوف - رفض التعريف بهويته - انتقد تكرار أسماء المتحدثين سنوياً معتبراً أن العلاقات الشخصية للمنظمين وتوجهاتهم تطغى على الاختيار، ولذلك كان هناك حضور مكثف لقطاع البنوك، وتكرار غير مبرر لاستضافة مسؤولين مثل محافظ مؤسسة النقد السعودي وغيره".