السوق الدولي الأول للاستثمار بالمغرب يشكل رسالة لتحفيز المرأة على الاستثمار
صالحة يحيى المعجمي، سيدة أعمال سعودية، تهوى قيادة الطائرة واليخت، وتدير العديد من المقاولات في مناطق مختلفة من العالم، ولا تتردد في اتخاذ مبادرة الاستثمار كلما أتيحت لها فرصه.وكغيرها من النساء المستثمرات العربيات،كانت على موعد مع السوق الدولي الأول للاستثمار الذي عقد مؤخرا بالمغرب، ولم يفتها أن توقع على مشاريع استثمارية في مجال الطاقة والعقار، حملتهما في حقيبتها لأجل دراسة الجدوى. تقول صالحة يحيى في تصريح لـ عربيات": أن هذه التظاهرة الدولية تعد بالنسبة لي منفذاً جيداً و إطاراً ملائما لتحقيق الاستثمار الناجح"، معتبرة نفسها مفردا بصيغة الجمع، حيث يحيل على شخصيات نسائية عدة برزت في المجتمع السعودي، تعكس مستوى النضج والوعي الذي أصبحت تتمتع به المرأة السعودية، مستشهدة بما سبق وبما قالته الدكتورة سمر السقاف، مستشارة سمو الأميرة صيتة بنت عبد الله، في مؤتمر المستثمرات العربيات الذي عقد السنة الماضية بالمغرب، والذي جاء فيه : "أن المرأة السعودية سجلت نجاحا لافتا في الاستثمار العقاري إلى جانب المقاولات العامة، بحيث أصبحت تمتلك أكثر من 15 ألف شركة ومؤسسة تجارية، فضلا عن أن 20% من الأموال الموظفة في صناديق الاستثمار تعود للسيدات، مبينة أن ظاهرة تزايد الاهتمام النسائي بالمجالات الاقتصادية والاستثمارية ظاهرة فرضتها ظروف التطور والنمو الاقتصادي التي يشهدها المجتمع السعودي".
وعبرت المعجمي عن تفاؤلها بمستقبل المرأة السعودية المشرق رغم رواسب القيم والعادات، معتبرةأن المرأة تبدع وتنجز أكثر من الرجل، ولا ينقصها سوى المساعدة والتسهيلات، مبرزة بأن المرأة العربية كانت السباقة لمجال التجارة والاستثمار، مستدلة بسيدة المجتمع الأولى السيدة خديجة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم.
السوق الذي امتدت فعالياته على مدى ثلاثة أيام شكل فرصة سانحة لإعداد استراتيجيات وسياسات قادرة على تشجيع الاستثمار النسائي وتحديد فرص الأعمال، وسبل الشراكة بين القطاعين العام والخاص ودراسة علاقات العالم العربي مع الاتحاد الأوروبي، وعقدت خلاله لقاءات عمل وورشات ومناظرات وندوات كبرى انكبت على معالجة مجموعة من المحاور، تهم القضايا الاقتصادية والتنموية الراهنة، نذكر منها: "التحديات الجيوستراتيجية والحكامة العالمية"، "العالم أمام التحديات الطاقية والبيئية"، "الاندماج الاقتصادي والعولمة"، "أبعاد وأدوار الفاعلين في الاندماج الاقتصادي"، و"الاستثمار النسائي والاندماج الاقتصادي".
وفي قلب هذه القضايا، تناولت المستثمرات العربيات واقع المقاولة النسائية بالعالم العربي، وفي هذا الإطار كشفت بعض المداخلات، عن بعض الإحصائيات التي استندت على بعض الدراسات الحديثة، والتي تفيد بأن مداخيل استثمارات المرأة في العالم ستساوي سنة 2014 الناتج القومي للصين والهند، أي مايعادل 18 مليار دولار.
وبحسب دراسة لنشرة الشرق الأوسط الاقتصادية (ميد) عام 2008، كانت قد توقعت بأن تسيطر النساء في منطقة الخليج العربية على 385 مليار دولار بنهاية عام 2011.
السيدة تغريد النفيسي، رئيسة المجلس الإداري لشركة ملتقى التداول المساهمة العامة المحدودة، وعضوة مجلس إدارة بورصة عمان للأوراق المالية –الأردن، قالت في مداخلتها "تجربة المرأة الأردنية في القطاع المالي"، تشكل المرأة 10 في المائة من القوى العاملة في القطاع الخاص، كما تمثل نسبة 33 في المائة في قطاع البنوك، و27 في المائة في شركات الاستثمار والخدمات المالية، وفي هيئات الرقابة المالية تشكل الإناث النسبة الأعلى في هيئة الأوراق المالية إذ تبلغ نسبة مشاركتها 38 في المائة، يليها البنك المركزي 37 في المائة، ثم مركز الإيداع 34 في المائة، وتقل النسبة في بورصة عمان لتصل إلى 25 في المائة.
وقد أشارت وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن بالحكومة المغربية السيدة نزهة الصقلي إلى أن متوسط عمر النساء المقاولات بالمقاولات المغربية، يتراوح ما بين 35 و44 سنة، إذ يتوفر ثلثا المستثمرات المغربيات على شهادات تعليمية جامعية، مضيفة أن جل المقاولات النسائية بالمغرب وعلى غرار دول منطقة «مينا»، مقاولات متوسطة وصغيرة، أو مقاولات جد صغيرة تعمل جلها في مجالات الخدمات بنسبة 37 في المائة ، والتجـــارة بنسبة 31 في المائة، والصناعة وبالأخص صناعة النسيج والألبسة بنسبة 21 في المائة.
وكشفت السيدة فوزية ناشر -رئيس مجلس سيدات الأعمال اليمنيات ورئيس اللجنة العليا للسياحة- لـ " عربيات" أن عدد المستثمرات اليمنيات يقارب اليوم 500 امرأة مستثمرة، وبأن هذا التقدم الذي حصل في السنوات الأخيرة يعود إلى تشجيع الدولة.
واعتبرت أن هذا السوق شكل مناسبة لترجمة بعض توصيات مؤتمر الصخيرات، الذي انعقد السنة الماضية إلى مبادرات عملية تذيب كل المعيقات، لا يهم فيها الكم، بقدر ما يهم الكيف ومدى تطبيق التوصيات على أرض الواقع، مبرزة عن مدى استعدادها للاستثمار بالمغرب في المجال السياحي وذلك بإنشاء قرى سياحية ومدينة ملاعب أطفال نظرا للتسهيلات والمساعدات التي تقدمها المملكة المغربية للمستثمرين الأجانب.
وتمخضت أشغال هذه التظاهرة التي عرفت مشاركة 50 دولة و20 منظمة دولية وشخصيات لها وزنها في عالم السياسة والمال والأعمال، مجموعة من التوصيات، من أهمها: الدعوة إلى تفعيل الهياكل القانونية لاتحادالمستثمرات العرب حتى يضطلع بدوره الحقيقي والكامل، مع التأكيد على ضرورة تقديمالدعم للاتحاد من طرف الحكومات والجامعة العربية
كما تمت الدعوة، إلى العمل على صعيد كافة الدول العربية لتفعيل سياسات محاربة الفقر والعنف ضد النساء، والنهوض بالموارد البشرية لتساهم في مسلسل التنمية الاقتصادية.
وتوجت أشغال هذا الملتقى بإسناد أسماء مهيب رئيسة الممثلية الدائمة للاتحاد، مهمة الإشراف على تشكيل شبكة مختصة في مجال الاقتصاد التضامني والتعاونيات، تتكون من بلدان إفريقية، ومن الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا.
وتعد هذه الشبكة ثمرة شراكة مع مؤسسة النساء من أجل المتوسط. وأكدت مهيب، بأنه سيتم تشكيل لجنة مؤقتة تتولى بلورة القانون الأساسي والتنظيمي لهذهالشبكة، كما ستعمل على خلق مرصد لتتبع النساء على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وضمان تكوينهن وكذا مساعدتهن، وتم اعتماد رشيدة ذاتي، عضوة البرلمان الأوروبي، ووزيرة العدل السابقة في حكومة ساركوزي، عرابة لهذا المشروع لدى الاتحاد من أجل المتوسط.
على صعيد آخر، تم تكريمالاتحاد الوطني النسائي، الذي ترأسه صاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم، من خلال جائزة تسلمتها المنسقة العامة للاتحاد، الشريفة لالة أم كلثوم، والنائبة الأولى للاتحاد، ربيعة المريني، اعترافا بالجهود المبذولة من قبل الاتحاد الوطني النسائي، الهادفة إلى النهوض بوضعية النساء المغربيات.
كما جرى تكريم رئيسة اتحاد المستثمرات العرب، هدى جلال يس، على ما قامت به في إطار خلق آليات وشبكات استثمارية عربيا. وسلمت جائزة تقديرية ثالثة إلى سفير الأمم المتحدة بـ "الفاو"، إضافة إلى تكريم رشيدة داتي البرلمانية الأوروبية ووزيرة العدل الفرنسية سابقا التي اعتبرت أن مشاركتها في هذه التظاهرة ترجع أساسا إلى أهميتها، سواء بالنسبة إلى أوروبا، أو فرنسا أو المغرب"، وبأن هذا الملتقى يبرز إرادة قوية على التغيير، وضمان المساواة بين الجنسين.
هدى جلال يس، رئيسة اتحاد المستثمرات العرب، في تقييمها لهذه المحطة، قالت:"إننا واثقون بأن لقاءنا بالمملكة المغربية، أرض الانفتاح على قضايا المرأة والاستثمارات الدولية، سيخطو بالمجالات الاستثمارية النسائية إلى الأمام، وسيشكل على المستوى العربي والدولي نقلة نوعية للمرأة العربية، بإعطائها نفسا جديدا يساعد على النهوض بقضاياها في جميع المجالات".
وأكدت هدى جلال على أن هذا السوق هو رسالة لتحفيز المرأة العربية، لولوج عالم الاستثمار، في إطار التعاون مع الرجل، بالإضافة إلى جعلها ركيزة أساسية لانطلاقة اقتصادية، تخول لها العبور إلى بر النمو الاقتصادي والاجتماعي، تتجاوز من خلاله العقليات التقليدية، وتفتح لها المجال للتطوير والإبداع.