الفنان هاني عزّام تخرّج من كلية الفنون التطبيقية، قسم التصميم الداخلي و الأثاث عام 1981م في القاهرة. وُلد في أحضان ثورة (يونيو). طالما استهوته المطالعة، و عشق الفن منذ طفولته، كان يقف أمام واجهات المحلات ليتأمل طريقة تصميمها و ألوانها.. وتأثر كثيراً برومانسية سيدة الشاشة العربية (فاتن حمامة) و تعلق بشدو (عبد الحليم حافظ) و أحب وطنية الكاتب (صلاح جاهين).
الفنان / هاني عزّام معنا في هذا العدد يروي لنا حكايته مع الشيخ حسين بكري قزاز صاحب أحد اكبر متاجر العطور و التجميل و التحف في المملكة العربية السعودية،و يخص عربيات بحوار شيّق عن الفن و الرسم في الوطن العربي.
الفنان هاني عزام كيف بدأت حياتك العملية،و كيف التقيت بالشيخ حسين قزاز؟
بدأت العمل بشركة القزاز في عام 1982م،بعد تخرجي من كلية الفنون التطبيقية بعام تقريباً.و كنت أثناء الدراسة بالقاهرة أعمل بمجال الديكور الداخلي(و هو مجال دراستي)،بالإضافة إلى عملي بتصميم الإعلانات و لا أزال أذكر أول إعلان نشر لي بجريدة الأهرام و كنت وقتها لا أزال طالباً بالسنة الأولى بالكلية.....بعد التخرج قابلت الشيخ حسين قزاز عن طريق شقيقي الأكبر و شاهد بعض من أعمالي و أتذكر أن من بينها كان تصميماً لأزياء عاملين بفندق.و كنت معجباً بتصميمات المصمم الفرنس العالمي "باكوربان"و أتابعها من خلال مجلات الموضة الأجنبية،فقال لي الشيخ حسين"لن تتابع تصميماته من خلال المجلات بل ستعمل معه" و ذكرت تلك الكلمات لباكوربان عندما التقيته أثناء زيارته لمعارض القزاز في المملكة. و عندما بدأت العمل مع الشيخ حسين قزاز قمنا بإنشاء قسم التصميم سواء للإعلان أو للمنتجات و تطور العمل بعد ذلك مع الخطة الطموحة لإنشاء بيوت قزاز التجارية بمدن المملكة المختلفة، وتم إنشاء قسم للديكور الداخلي و متابعة المشاريع و أصبحت مسؤلاً عنه. و من خلال عملي قابلت العديد من المصممين العالميين مثل "بيير كاردان" و " مارك بوهان" و باكوربان" و "يوب"و"ديجريب".
ماذا تقول عن تجربتك الطويلة الأن؟
من خلال تلك التجربة التي ما زالت ممتدة منذ ثمانية عشرة عاما أجد أنه من الرائع أن تعمل بمجال عمل تعشقيه،تحقق فيه ذاتك،أن تستجمع مفردات من خيالك و تعمل على نسجها سوياً لتترجم بعد ذلك خطوطاً على أسطح ورقية ثم تتجسد في صورة إعلان أو منتج ما أو معرض تجاري، شعور ممتع لا يعادله شيء و اصبحت أكثر إيماناً بأن الفرصة ربما تأتي للإنسان ، لكن النجاح لا بد أن يسعى إليه... تماما مثل المرأة الشرقية ربما تميل لإنسان ما ، لكنها تنتظر أن يقاتل من أجلها و يسعى إليها و بعدها تكون معه و ليس بالصدفة.
كيف تتفاعل مع الأحداث السياسية عن طريق الرسم؟
لم تعد السياسة كما كانت بالماضي ، و انتهى زمن القائد الشجاع الجاهز بالحق ليبسطه بحد سيفه إذا لزم الأمر ، السياسة في العصر الحالي اصبحت فن ارتداء الأقنعة بينما الفنان رمز للشفافية، هو من يزيل الأقنعة ليعبر بصدق عن احلامه الذاتية و أحلام مجتمعه و انسانيته و هو مُعارض بطبيعته لمن يختفي وراء قناع زائف ، و الفن التشكيلي في مجتمع الشرق الأوسط يتفاعل بالسياسة إما لتسجيل لحظات تمجِّد السياسي،أو معبراً برمز لتجاوز تلك السلبيات ، و لكنه لن يستطيع أن يعبر بوضوح عن معارضته و الا سيصبح مصيره كمصير "حنظلة".
من هم أفضل الرسامين العرب في الوطن العربي بنظرك؟
أمارس الفن كهاوي، و لا أعطي نفسي شرف الناقد الفني، و انما كفنان ينظر الى الفن التشكيلي في عالمنا العربي و علاقته بالإنسان . للأسف الحركة الفنية التشكيلية بعالمنا العربي لا تحظى بالتغطية الإعلامية اللازمة . بل هي محدودة . فإذا كاتن هناك مقابلة تليفزيونية فهي لمليء الفراغ الزمني لساعات البث والمجلات تنشر الموضوعات عن الفن التشكيلي بالصفحات الأخيرة و بشكل مبتورو بلغة شديدة التخصص و متعالية ،و بالتالي أصبح هناك فجوة بين الإنسان العربي و الفن التشكيلي،و بالكاد لو عرف الإنسان العربي (الغير متخصص)أسماء فنانين تشكيليين من بلده فما بالك من بلدان أخرى،من يعرف (من غير المخصصين) الفنان صبري راغب،د.أحمد نوار ، عدلي رزق الله ، شوربجي متولي ، ليلى الهواري، د.رضوى ، شادية عالم ، وجيه نخلة و غيرهم من الفنانين التشكيليين العرب.و ربما "فاروق حسني" هو أشهر الفنانين التشكيليين العرب المعروفين لغير المتخصصين و لكن بحكم منصبه. و هذا أمر خطير،في منطقة شهدت حضارات عظيمة كان للفن فيها دوراً أساسياً.الحضارة المصرية القديمة،الحضارة الفينقية، حضارة ما بين النهرين (البابلية و الآشورية). للأسف أصبحت علاقة أهالي هذه البلاد بحضارتهم علاقة كلامية و خطابية،فالذوق العام في معظم تلك البلاد في انحدار.
إذن ما هي رؤيتك لتصحيح ذلك الخلل؟
الحل في نظري الاهتمام بالنشء مع العمل على رفع الذوق العام.رفع الذوق العام عن طريق اللجوء إلى الفنانين الحقيقيين . إلى رفع الذوق العام في حياتنا اليومية و ممارستنا فيما يراه حوله بالميادين و الشوارع ....اتركِ الطفل على سجيته ستجدينه يسرع إلى ورقة و أقلام ملونة و يبدأ برسم خطوط،و فجأة ستجدي أن من هم قائمين على رعايته يثنوه عن ذلك و يزرعوا بداخله أن الفن و الذوق التشكيلي أمراً ثانوياً، و يقضوا على نبتة الفن بداخله .أزرعوا الفن في الصغار ، نموا موهبة الفن بداخلهم ،و ستجدون هذا الإبداع يتطور ليثمر في مجالات مختلفة ، خذوهم الى المتاحف ، لينشروا الدفء في جدرانها الباردة إلا من أنفاس الغرباء ، عرفوهم على حضارتهم بالرؤية و المعرفة و ليس بالأناشيد و الهتافات و ستجدوهم بعد ذلك سيحافظون عليه بالفعل و ستصبح وقوداً لتقدمهم فالفن هو الإحساس ، و كفانا أجيالاً بلا إحساس.
ما هي أهمية الضوء بالنسبة للفنان؟
الضوء عنصر أساسي في غاية الأهمية للتعبير و التجسيد في كل أنواع الفنون حتى عندما يستخدم كرمز ، شاهدي لمسات الضوء في لوحات فنانين عصر النهضة شاهدي تأثير الضوء على منحوتاتهم ، في لوحات التأثيرين(الإنطباعية و ما بعد الإنطباعية) شاهدي بهجة الضوء في لوحة(حقل القمح) للفنان "فان جوخ". شاهدي شجن الضوء في لوحة (كسرة الخبز) ل"بيكاسو".و متعة الضوء في مائيات "عدلي رزق الله"،و هندسيات د.أحمد نوار ، و تجسيد الضوء للسلطة و القوة و الرعب على وجه شخص واحد من خلال توزيع ضوئي رائع في العمل الفوتوغرافي the emperor jones "الإمبراطور جونز" للفنان "إدوارد إستايخين". كذلك الضوء و توزيعه عامل في غاية الأهمية للديكور الداخلي ، أو في تجسيد جماليات العمارة الخارجية ، تخيلي كل شيء مسطح و بارد هكذا سيكون الحال بدون الضوء.
ما رأيك بالفن الانطباعي و الرسم السريالي؟
لقد خرج التأثيرين بالفن من المرسم الى الخلاء ، حللوا الضوء و تأثيره لم يرضوا على الواقعية و فوتوغرافيتها المفرطة ، لقد كانوا مرحلة هامة في تطور الفن ،مرحلة أشاعت موجة من التحرر ، انني أستمتع بالضوء بلوحاتهم و مواضيعها النابضة بالحياة. أما السريالية فلا ننسى أنها ولدت من بقايا الحركة الدادية ، و هي حركة يصفها بعض دارسي تاريخ الفن بأنها متمردة على كل ما هو جميل في الحياة ،و مناهضة للمنطق.أشعر أحياناً عند مشاهدتي لبعض الأعمال السريالية بأنني في كابوس يحرك بداخلي الخوف من هذا العصر.
ما رأيك بفن التصوير الفوتوغرافي؟
فن النور و الظل و أصبح أيضاً اللون و هو فن اختزان ذاكرة الأمم ، فن الإتزان بين المساحة و الموضوع ،و أمضى سلاح(سلمي) فني مخترع ، فالصورة الفوتوغرافية تغني عن عشرات المقالات و آلاف الكلمات.و جيلنا كله ما زال يتذكر تلك الصورة التي بثتها وكالات الأنباء لطفلة عارية تعدو صارخة من حروق النابالم،لقد هزت الصورة مشاعر الملايين في العالم أجمع.
ماهي علاقة الفنان هاني عزام بتقنيات الحديثة والإنترنت؟
ما زلت من (الجهلة الكترونياً)، لقد كانت بدايتي مع الإنترنت من خلالكم،بعد أن تلقيت دعوتكم الكريمة للحوار عبر" عربيات" عندها ذهبت الى الجهاز السحري و اطلعت على العدد الرابع ، وهدأ روعي عندما علمت أن المحاور اللامع "زاهي وهبي" له نفس علاقتي بالإنترنت ، و لكنه شيء رائع في تجاوز الحدود للمعرفة ، لو استخدم بالشكل الصحيح انه المفتاح السحري لفك قيود المعرفة و عالمية التواصل.
من أعمال الفنان هاني عزام