"مونوبولي" فيلم وثائقي سعودي برعاية الجمهور
من لعبة (المونوبولي) الشهيرة إلى أرض الواقع، جسد مجموعة من الشباب السعوديين مفهوم احتكار الأراضي أو ما يعرف بالأراضي البيضاء وانعكاس تجميدها على تطلعات الشباب لتأمين مستقبلهم والحصول على فرصة لامتلاك منزل وتأسيس أسرة.
الشباب هم كما وصفهم الفيلم الوثائقي (خيرة شباب الوطن) منهم المهندس، والطبيب، ومندوب المبيعات، كنماذج لضحايا هذا الاحتكار الذين دفع بحلمهم إلى اللجوء للشارع في سياق كوميديا سوداء.
في اللعبة الشهيرة النتيجة لم تكن تحتمل أكثر من فائز واحد، أما خلاصة الفيلم فهي الحاجة إلى إعادة النظر لكي يحظى أبناء الوطن كلهم بالفوز، ولعل رفض فريق العمل لتحكم رأس المال القادر على احتكار الأراضي البيضاء دفعهم إلى عدم الموافقة على رعاية أي جهة لإنتاجه خشية من احتكار الأفكار والتأثير على المحتوى، ووفقاً للشاب بدر الحمود - الذي تدرب على الإخراج على يد عدد من المخرجين العالميين، بعد دراسته للتصميم الداخلي واكتساب مهارات التكوين البصري- كان العمل مستقلاً حيث صرح لـ(عربيات) قائلاً: "لقد كان هذا الفيلم برعاية الجمهور، وتكفل أعضاء الفريق بانتاجه تلافياً لأي تدخل قد تفرضه وجهة نظر أخرى أو مصالح للمعلنين، فنحن ببساطة شباب قررننا توظيف الأدوات المتاحة للتعبير عن معاناة يعيشها جيلنا".
وكما يطرح (مونوبولي) بدائل ساخرة للشباب مثل الحياة في الشارع أو في (فان) يأويهم إلى جانب الأراضي المجمدة والتي يملكها مستثمرين ليسوا بحاجة إلى بيعها أو مضاربين بوسعهم رفع الأسعار إلى سقف الفضاء دون مراعاة مصلحة الوطن، أرسل فريق العمل رسالته بوضوح وبلغة تعبر عن الشباب فاختاروا الإعلام الجديد، بقناعة تؤكد على أن العمل لم يكن ليجد هذا القبول لو لم ينطلق من بين الشريحة التي يعبر عنها، ولم يكن ليجد الانتشار لو لم يستند على الجمهور الذي يؤمن برسالته.
آلامهم كانت أقوى من أن يقفوا علي ناصية للضحك عليها، إنما كان وراء الكوميديا السوداء في العمل هدف لإيصال الفكرة وجذب المشاهد، فالأرقام الموثقة والحقائق العلمية لا يحتملها سوى المختص، ولما كان الهدف هو توعية المجتمع بكافة طوائفه كان السخرية أو "النكتة" - كما يروق لمخرج العمل تسميتها - هي السبيل لإيصال الفكرة للمجتمع بمحتلف شرائحه.
يتبرأ الفاشلون في العادة من إنتاجهم، لكن بعد الأصداء التي حصدها الفيلم حيث بلغ عدد المشاهدات 499.620 مشاهدة، في 72 ساعة، يعيش الحمود وفريقه احساس النجاح قائلاً: "لست أرى في نفسي مخرج للعمل ولا صانع له فحسب بل أنا أحد جماهيره، أعيش نفس الهم الذي يعيشه أغلب من شاهدوا الفيلم".
وكما البدر الذي لا يظهر كثيراً وإن ظهر أضاء المكان، تسلط مثل هذه الأعمال التصويرية الضوء على قضايا هامة غير أنها نادراً ما تخرج بهذا التركيز والمستوى، بدر الحمود الشاب الذي هوى الإخراج واحترفه، يؤمن بأنه ليس بالضرورة إخراج أعمال عديدة على فترات متقاربة بقدر ما يسعى إلى أن يكون للعمل قيمة، فالأفكار التي تراوده كثيرة، لكنها تحتاج إلى وقت حتى يتم تنفيذها بالشكل الذي يرضيه قبل أن يرضي الجمهور.
الجدير بالذكر أن سيناريو فيلم "مونوبولي" استغرق 6 أشهر لكتابته وشهرين لتصوير العمل، وقد تم التواصل مع فريق العمل تمهيداً لعرضه في عدد من القنوات الفضائية.