المؤتمر الدولي لموقف الإسلام من الإرهاب
عربيات - خاص : اختتمت فعاليات المؤتمر العالمي عن موقف الإسلام من الإرهاب والذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني ... وقد تناول المؤتمر محاور عديدة تمت مناقشتها من خلال 80 ورقة عمل تهدف إلى تعريف الإرهاب ونظرة الشرع له والعروج على مسبباته وسبل علاجه مع التأكيد على موقف المملكة العربية السعودية الرافض لهذه الممارسات ماضياً وحاضراً ...
وقد تشرفت عربيات بلقاء الدكتور / عبدالله الحمود ، عميد كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ورئيس اللجنة الإعلامية للمؤتمر حيث أعرب عن سعادته بالنجاح الذي تحقق قائلاً : " أعتقد أن المؤتمر يعتبر أحد أهم المحاولات الجدية في مواجهة الغلو والتطرف الدخيل على مجتمعنا وعقيدتنا ... و لقد حقق بفضل الله ثم بالجهود المخلصة النجاح المأمول من انعقاده بتمثيل عالمي متميز و شفافية في الطرح يقف ورائها الاختيار المدروس للمشاركين ، حيث أتحنا مساحة واسعة وحرة للإختلاف والإتفاق ساهمت بإثراء الحوارالذي لم يقتصر على وجهة نظر واحدة .... وتمكنا بذلك من توجيه رسالة عالمية للمسلمين وغير المسلمين تعكس حقيقة الإسلام ووسطيته وعدالة تعاليمه وبعدها كل البعد عن العنف ودعوتها للحوار المتحضر مع الآخر " .
وعن التغطية الإعلامية للمؤتمر وغياب الفضائيات عن التغطية المباشرة لجلساته يقول الدكتور / الحمود : " لقد قامت اللجنة الإعلامية بدعوة مجموعة كبيرة من وسائل الإعلام العربية والأجنبية للمشاركة في المؤتمر وتغطية فعالياته ولكن لأن المؤتمر على مستوى عالي من الفكر فهو في واقع الأمر يخاطب النخب المؤهلة لتدارس هذه القضية أكثر من مخاطبته للجماهير وقد تم وضع ذلك في عين الإعتبار عند التنسيق للتغطية الإعلامية ، وهذا لايقلل من أهمية الفضائيات ... و من جهة أخرى وإيماناً منا بأهمية الإنترنت والنشر الالكتروني كوسيلة إعلامية فاعلة قمنا بانشاء موقع للمؤتمر على شبكة الإنترنت مع تشكيل فريق متخصص عمل على مدار الساعة لنشر رسالة المؤتمر والتعريف به بخمس لغات حية هي العربية والإنجليزية والفرنسية والاسبانية والفارسية ، وقد أتاح هذا الموقع مع النقل المباشر الذي تم عن طريقه للجلسات حلقة وصل مع المهتمين من مختلف دول العالم " .
وعن تزامن التفجيرات الآثمة التي تعرضت لها مدينة الرياض مع أحداث المؤتمر وانعكاسات ذلك على نجاحه علق الدكتور / عبدالله الحمود قائلاً : " لم تكن هناك انعكاسات مباشرة ولم تؤثر تلك الأحداث على برنامج المؤتمر ، إلا أنها أظهرت حقيقة واضحة للعيان تؤكد أن هذه الفئة الضالة المخربة لاعلاقة لها بالإسلام ، ففي الوقت الذي يلتقي فيه علماء المسلمين تحت سقف واحد في الجامعة يتدارسون موقف الإسلام من الإرهاب تحاول تلك الفئة أن تؤذي الناس باصرار على ممارسة أعمال تخريبية دون أن يكلفوا أنفسهم مجرد التوقف لمراجعة النفس والإنصات للصوت الوسطي الإسلامي الرصين " .
واختتم الدكتور الحمود لقاءه مع عربيات معلقاً على استفسارنا عن مدى رغبة الجامعة بتكرار هذه التجربة واعتماد المؤتمر كحدث سنوي قائلاً : " في الواقع لايوجد توجه لإقامة المؤتمر سنوياً، ولكن لدينا رغبة جادة بتفعيل التوصيات التي كان من أهمها تأسيس مركز للدراسات الإسلامية المعاصرة وعقد اجتماعات دورية لمناقشة المحاور التي تم طرحها وتبادل الزيارات بين العلماء والمفكرين من المملكة العربية السعودية ونظرائهم من علماء الغرب ، بالإضافة للعمل على اصدار كتب وبحوث علمية متخصصة في موضوع الإرهاب والتطرف والغلو وترجمتها إلى لغات مختلفة " .
مقتطفات من أوراق العمل
الدكتور / أحمد تركستاني - الأستاذ المشارك بقسم الإعلام بجامعة الإمام
أشار الدكتور أحمد تركستاني إلى أهمية تقارب الثقافات وتحاورها وتعايشها في هذا العصر الذي ساهمت تقنية المعلومات بربطه واتاحة فرص ثقافية وفكرية للتواصل تقلل من آفات التعصب والتربص بالآخر والاصرار على غزوه فكرياً .... كما أكد على دعوة القرآن للمسلمين بالتحاور مع أصحاب الأديان الأخرى مستشهداً بقوله تعالى " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولانشرك به شيئاً " ... بالإضافة إلى توضيح القرآن في آيات عديدة أن تعدد الثقافات الإنسانية واختلاف الناس في الدين أمر من مقاصد الخلق لقوله تعالى : " ولو شاء ربط لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين ، إلا من رحم ربك ولذلك حلقهم " .
وأضاف أن المقصود من الحوار ليس المجابهة والإفحام وإنما المقصود معرفة أطروحات الطرف الآخر ووجهات نظره وتعريفه بما يغيب عنه أو يلتبس عليه ، والعمل على استكشاف مالدى الطرف الآخر من حقائق وإيجابيات والإعتراف بها وقبولها والإستفادة منها إذا كانت صحيحة .... كما أن الحوار يساعد على تشييد جسر سلمي للتواصل البناء وسد الطريق أمام المواجهات والمصادمات .... و من جهة أخرى فهو يحبط حجج المتطرفين ويكشف زيف أفكارهم .
وأكد على أن إقامة الحجة على المخالف لاتعني الاقتتال والنزاع إذ ليس الكفر في ذاته مبيحاً لقتل الكافر وإزهاق روحه مشيراً إلى دعوة القرآن للحوار مع الآخرين حوارً راقياً مهذباً كما قال تعالى : " ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن " .... وأيضاً لقوله : " لاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم " .... فالغلظة في الحوار واستخدام المفردات الجافة الفظة غير مرغوب ناعيك عن الإيذاء والتحقير والازدراء أو عدم الإعتراف بالآخر وجدوى الحوار معه .
وتطرق الدكتور أحمد تركستاني إلى الشبهات المثارة ضد الحوار مع الأديان الأخرى والرد عليها والتي تم تلخيصها فيما يلي من نقاط :
الشبهة الأولى : أن الحوار قد يؤدي إلى التشويش والتأثير الفكري غير المحمود كمثال ادخال بعض الشبهات والخلط الفكري في أذهان المسلمين ....
الرد : هذا صحيح إذا كان المحاور ضعيف الحجة وغير قادر على البيان والتوضيح أما إذا كان محصناً بالعلم والحجة فيزيده الحوار صلابة وقوة .
الشبهة الثانية : أن الحوار قد يؤدي لمزيد من التعصب والتصلب عند طرفي الحوار .....
الرد : لاضير في حوار يتأسس على قواعد ننطلق منها إلى ماهو دونها والإسلام حقق مكاسب قديماً وحديثاً ونجم عن حواراته تحولات كبرى في غقيدة من تحاور معهم .
الشبهة الثالثة : أن الحوار يقود للفتنه والصدام وتقوم هذه الحجة على قاعدة سد الذرائع وإقامة الحواجز ....
الرد : المبالغة في استخدام هذه القاعدة قد تؤدي إلى تغييب حقيقة الإسلام .
الشبهة الرابعة : أن الحوار يعطي الفرصة لتلميع الآراء الباطلة ...
الرد : هذا لايصح في كل حال بل الآراء الباطلة إنما تكتسب بريقها إذا انفردت بالأجواء والأضواء بعيداً عن التصدي لها بالحوار .
الدكتورة / أسماء الحسين - أستاذة الصحة النفسية بكلية التربية للبنات بالرياض
تحدثت الدكتورة / أسماء عن الأسباب الفكرية للإرهاب والعنف والتطرف والتي تعود في أغلبها إلى معاناة العالم الإسلامي من انقسامات فكرية حادة ، بين تيارات مختلفة .... ومرجع هذه المعاناة وما ترتب عنها من مشكلات وانقسامات هو الجهل بالدين والبعد عن التمسك بتوجيهات الإسلام .... وقد صنفت الدكتورة هذه التيارات المعاصرة إلى :
أ ـ تيار علماني : يدعو إلى بناء الحياة على أساس دنيوي وغير مرتبط بالأصول الشرعية ولا بالتقاليد والعادات والموروثات الاجتماعية الأصيلة ، هي من وجهة نظر أصحاب هذا الاتجاه ، عوائق في طريق التقدم والانطلاق نحو الحضارة .
ب ـ تيار ديني متطرف : يعارض المدنية الحديثة وكل ما يتصل بالتقدم الحضاري ، فهي من وجهة نظرهم ليست إلا فسادا في الأخلاق ، وتفككا في الأسر وجمودا في العلاقات الاجتماعية ، فهم يرون أن الحضارة تجعل الفرد يعيش لنفسه ملبيا لرغباتها متنكرا للآداب والفضيلة . ولذا فكل جانب يرفض فكر الآخر ويقاومه ، وينظر إليه نظرة ريب وشك دون تمحيص وتقويم ، ليصل إلى الحق والمبادئ الأساسية فيها ، ليقارنها بما عنده من أصول ومبادئ يمكن أن تكون عاملا مشتركا يجمع بينها ويكون فيه الخير لكلا التيارين .
الدكتور / بدر البدر - الأستاذ المشارك بقسم القرآن وعلومه
ذكر الدكتور / بدر البدر أن من سماحة هذا الدين أنه أذن لغير أهله من أهل الذمة والمعاهدين والمستأمنين أن يعيشوا في أرضه مع بقائهم على دينهم وعدم إكراههم على الإسلام , وأشار إلى أنه لم يخل عصر من العصور من وجود غير المسلمين داخل المجتمع المسلم , يعيشون بين المسلمين , وينعمون بالأمن على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم , ولا يعني بقاؤهم داخل المجتمع المسلم بأي وجه من الوجوه الرضا بما هم عليه من الكفر بالله , فإن الله – تعالى – لا يرضى لعباده الكفر , وإنما أذن الشارع لهم بالبقاء لحكم عديدة منها أن يخالطوا المسلمين ويتأملوا في محاسن الإسلام وشرائعه وينظروا فيها , فيجدوها مؤسسة على ما تحتمله العقول وتقبله , فيدعوهم ذلك إلى الإسلام , ويرغبهم فيه , فيدخلوا فيه , وهذا أحب إلى الله من قتلهم .... وعدم اختلاطهم بالمسلمين يفوت هذه المصلحة .
الأستاذ الدكتور / جعفر شيخ إدريس - رئيس الجامعة الأمريكية المفتوحة
افتتح الدكتور جعفر إدريس محاضرته معتبراً أننا نعيش اليوم في عصر يدعونا فيه الآخرون إلى مناهج حياتهم وقيمهم وأفكارهم وأنماط سلوكهم ، ودعوتهم تصلنا شئنا أم أبينا .... متسائلاً ما ذا نفعل حيال ذلك ؟؟ .... ولا سيما إذا كان أولئك الدعاة يتحدوننا بأن نرد عليهم أو نبين فضل منهجنا على منهجهم؟ ، وأضاف ... إن الاستجابة لهذا التحدي أمر لا يتم واجب البلاغ إلا به وقد استجاب كثير من علماء المسلمين ومثقفيه لهذا التحدي وأبلوا في الدفاع عن دينهم بلاء حسنا جزاهم الله خيرا. لكن الذي نحتاج إليه حاجة شديدة هو أن يكون لنا إلى جانب هذه المجهودات الفردية مؤسسات تختص بهذا العمل حتى يؤدي على أحسن وجه وأكمله .... ودعا إلى تأسيس منظمة للحوار العالمي وأوضح أهدافها وآلية عملها .
الدكتور / حسن الهويمل - الأستاذ المشارك بفرع الجامعة بالقصيم
أكد الدكتور / حسن الهويمل أن لكل طائفة من الأناس والمفكرين والساسة رؤيتها وموقفها ومرجعيتها ، وإن من أوجب الواجبات استماع الرؤى والتصورات ، ومحاولة التماس القواسم المشتركة والانطلاق منها مع استبعاد الافتعال والانفعال ، وقصر الحديث على التناول الموضوعي والبحث المعرفي ، بعيداً عن صخب الخطابات التنصلية ، ومآزق التزكية والتبرئة للذوات الممارسة للمبادئ ، والانحاء باللائمة على الآخر ، دون مصلحة أو برهان . و مشيراً إلى أننا متى اعتمدنا في تناولاتنا تبادل الاتهامات ، وممارسة الإدانة والإقصاء ، زدنا الوضع تعقيداً والحلَّ استحالة ، وانفض سامرنا بوضع أشد إبهاماً مما سلف.
الدكتور / عبدالله العشي - كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجزائر
ناقش الدكتور / عبدالله العشي في ورقة العمل التي طرحها في المؤتمر العولمة مشيراً إلى أنه قد يبدو لبعض المتابعين أن الإسلام يتضمن مشروعا شبيها بمشروع العولمة ، إن لم يكن هو ذاته ، ومؤكداً وجود فروق جوهرية بينهما حيث أن العولمة تهدف إلى تحويل العالم إلى مجتمع واحد في الثقافة والفكر والتعليم والذوق وغير ذلك ، أي أنها تسعى إلى إجبار العالم على نوع واحد من الحياة ، وهذا أمر مناقض للفطرة البشرية التي خلق عليها الناس " شعوبا وقبائل ". أما الإسلام فيحترم الهويات والخصوصيات وينبذ الإكراه ، و يقوم المشروع الإسلامي على الاعتراف الأولي بالتنوع والاختلاف الثقافي واللغوي ، وحتى الدين لايفرض بالقوة إنما بالإقناع .... وأشار إلى أنه لقد عاش في ظل الحضارة الإسلامية شعوب وقوميات وأديان وأسهموا في صناعة منجزات الحضارة الإسلامية ، ولم يقصوا أو يهمشوا . والإسلام أقام مشروعه الحضاري على أساس من المبادئ التي تحفظ للإنسان حريته وكرامته وحقوقه ، بل حافظ الإسلام على ثقافات الشعوب ولغاتها وأخلاقها .