الكاتب الألماني روديغر هاينس لـ"عربيات": الأساطير العربية علمتنا فن الحكايا
يتحدث الكاتب والشاعر والبروفيسور والإعلامي والرحالة الألماني روديغر هاينس Rüdiger Heins في هذا الحوار الحصري الذي خص به عربيات عن جملة قضايا ساخنة ومثيرة سواء على مستوى تجربته الشيقة في التخصصات المذكورة أعلاه ومن ضمنها موقفه من قضايا عالمنا العربي، أو كمؤسس ومدير لمؤسسة الكتابة والإبداع التي يتولى تسييرها في مدينة بينغن و بادكرويتسناخ، وقد أصدر هذا الكاتب 11كتاب تناول فيها شؤون الفن والإبداع والأساطير والإعلام ولاسيما بعض الظواهر الاجتماعية التي أفرزتها الرأسمالية وهي معضلة أطفال الشوارع والمشردين و المهمشين، بحيث اكتسبت كتاباته في هذا الشأن شهرة وصدى كبيرين في ألمانيا والغرب عموما، وقد تحصل روديغر في مسيرته الأدبية على عدة جوائز هامة، كما أنه حاليا يعكف على إعداد أطروحة دكتوراه حول ميكانيزمات الكتابة الإبداعية، ونترك القارئ ليكتشف جوانب أخرى في حديث هذا الكاتب المتميز.
السيد هاينس، بداية نشكرك على استجابتك الكريمة للرد على أسئلتنا ونود أن نبدأ حوارنا بسؤال هل أنت كاتب أم صحافي؟
أنا كاتب يستغل كافة وسائط الاتصال المعلوماتية في أي مكان في العالم كي أسجل حضوري وموقفي.
لماذا تركز في جل نصوصك الأدبية وكتاباتك المختلفة على أشخاص الهامش والمنبوذين من طرف المجتمع؟
لأنني ببساطة أعتبر نفسي من ضمن هؤلاء، ثم أنني أريد من خلال رصيدي المعرفي وتجربتي في الحياة أن أقوم بإثارة نظرة العالم إلى أولئك الذين يحيون في ظروف غير عادية على هامش المجتمع ولا يأبه بهم أحد.
كتابك " أنا طفل الشوارع Ich bin ein Straßenkind" هل هو صرخة ضد مجتمع يتخلى عن أطفاله؟
هو في الواقع نداء من الأعماق نابع من أغوار مجتمعنا فبلد غني مثل ألمانيا لا يمكنه أن يسمح برمي أطفاله إلى الشوارع ويتركهم رهينة لتحديات خطيرة.
قصيدتك "الفيل الأبيض" كتبتها بالألمانية والإنجليزية هل لغتك الأم غير قادرة على ترجمة حالاتك وأشواقك الجوانية؟
في القصيدة المذكورة كنت بصدد البحث عن كثافة التعبير وعن رنة لغوية خاصة ولهذا الغرض تجدني أحيانا أوظف في شعري لغات أخرى على غرار لغتي الألمانية مع الإنجليزية أو مع الإسبانية و الفرنسية، ومن جهة أخرى أنا أرغب أيضا ضمن ذات السياق في التعبير عن حبي وتقديري للآخرين ممن يتحدثون لغات غير لغتي الأم الألمانية.
كمؤسس ومدير لمؤسسة الإبداع والكتابة، ما هي في نظرك أهم نصيحة توجهها للكتاب والمبدعين الشباب ؟
الكتابة.. الكتابة.. الكتابة وعدم الاستسلام !
نشرت أحد عشر كتاباً، هل عكست كل ما أردت قوله من أفكار ورؤى وتصورات؟
لا ليس بعد، أنا لم أقل كل ما أرغب في قوله، غير أن توقعاتي فيما كتبت حتى الآن كانت إلى حد ما أقرب إلى ذلك قليلا .
الأساطير العربية والشرقية حاضرة بقوة في كتاباتك، هل أنت من المتأثرين بأجواء الشرق وعوالمه السحرية ؟
نعم كثيرا، فأنا أهتم وأقدر كل الأساطير العربية، فهناك ما نتعلمه منها خاصة ضمن فن الحكايا.
يعتقد اليابانيون أن الأمم الأخرى ثرثارة وبالتالي فإن آدابها تتميز بالاسترسال والإطناب الممل، في حين هم يكتفون بالتعبير عن مشاعرهم ورؤاهم بجمل شعرية مكثفة وقصيرة تدعى في لغتهم (بالهايكو) وحسب علمي أنت من أنصار هذا النوع من الشعر، هل هذا صحيح؟
أكيد ففن (الهايكو) من بين الفنون الشعرية التي تحظى لدي باهتمام كبير إذ أنا نفسي أكتب الهايكو وأقوم بتدريسه في المؤسسة التي أتولى شؤون تسييرها وإدارتها، إن شعر الهايكو في تصوري هو فن الاختصار المفيد بامتياز.
سأسعد لو نجح العرب في ايجاد الحل العربي لتجاوز أزماتهم
ما رأي السيد روديغر فيما يحدث هذه الأيام من ثورات في العالم العربي؟
أنا سعيد لكون العرب نهضوا من أجل حريتهم التي تنتزع بالقوة والنضال، وفي الحقيقة إن النزعة الاستعمارية الجديدة للغرب لا ينبغي أن نتجاهلها فلا نضع لها الاعتبار الضروري، فما يحدث الآن في أفغانستان والعراق هو شكل صارخ من الاستعمار الجديد ،وأعتقد أن أخلاق الغرب تنتهي عند كلمة " نفط" أما رؤوس الأموال والجيوش فهي ذات أهمية ثانوية،ومن جهتي سأكون جد سعيد لو ينجح العرب في إيجاد" الحل العربي " الذي يتجاوزون به أزماتهم الراهنة.
من هي "سلمى" التي كتبت عنها إحدى أجمل قصائدك الشعرية؟
إنها فتاة يهودية قتلت في سن 18 عاما في محتشد أوشفيتس، وكان بالإمكان أن تكون سلمى اليوم ابنتي، لقد كانت هذه الفتاة التي اسمها الكامل سلمى ميرباوم أيزينغر تكتب شعرا مؤثرا تم إنقاذه من طرف المساجين لحسن الحظ.
وكيف ينظر السيد روديغر للشعر العربي المعاصر؟
أعتقد أن الشعر العربي متفرد ورائع، والشعراء الغربيون في مقدورهم أن يتعلموا منه الكثير.