الدكتور إدريس الخرشاف : لايمكننا أن نجد مكاناً في المسيرة الحضارية إذا لم نخاطب العقل
يتميز الإنسان بنعمة العقل والقدرة على التواصل فإذا ما عطل هذه الإمكانيات تصبح كافة النعم الأخرى محدودة بفائدتها ، وهذا ما يؤكده لنا ضيفنا الأستاذ الدكتور / إدريس الخرشاف بقسم الرياضيات والمعلوماتية بجامعة الرباط ، والذي قدم عدد من الأبحاث والمشاريع المتعلقة بالإعجاز العلمي في القرآن ، ويؤكد من خلال هذا اللقاء أهمية الإعتماد على هذا الإعجاز في الخطاب الدعوي لإبراز عظمة هذا الدين وتوظيف لغته العالمية ،، لغة (( العقل )) ....
العلم والبحث العلمي يلعبان دوراً أساسياً في تقدم الأمة ولايمكننا أن نجد مكاناً في المسيرة الحضارية إذا لم نهتم بهما ، وإذا ما راجعنا جميع الرسالات السماوية سنجد أن كل منها جاءت بلغة عصرها لمخاطبة أقوامها بالطريقة المناسبة فعلى سبيل المثال سيدنا موسى عليه السلام جاء بلغة كان يعرفها قومه وهي لغة السحر لكي يبرهن للناس أن السحر لايفلح حيث أتى .... و سيدنا عيسى عليه السلام جاء في عصر علم الطب فأعطاه الله هذه اللغة لكي يبرهن لهم أن العلم الذي يكسبونه عبارة عن علم بسيط فكان يبره الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ... هذا يعني أن كل نبي جاء بلغة قومه أما سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام عندما فقد جاء بلغة الديمومة التي لها وقع في الزمان والمكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهي لغة (( العقل )) داعياً الإنسان للتأمل والتدبر والغوص في أعماق الكون .... ولنا في القرآن الكريم عبرة فقد تنزل علينا بالأمر (( اقرأ )) قبل أن يعرفنا على التشريعات ويأمرنا العبادات، وهذا يعني أنه علينا أن نتحدث بلغة العلم التي يفهمها الناس في هذا العصر.
اعتمدت في طرحي على قراءة الأفكار التي طرحت في الساحة حتى نكون على بينة من معالم الطريق الذي سلكه الباحثون , ثم معرفة ما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة , لأن ما قرره القرآن الكريم يظل الحقيقة السائدة خاصة وأن معظم النظريات الفلسفية لم تعد تساير العصر أو تنطبق على الواقع بينما من يبحث عن الحقائق في القرآن الذي تنزل منذ 15 قرن تقريباً يجدها مسطورة تصديقاً لوعد الله وقوله تعالى : (( ولتعلمن نبأه بعد حين )) ... ودورنا كأمة إسلامية أن نجتهد ونبحث في كتابنا عن هذا النبأ ونبادر باكتشاف النظريات العلمية منه ولا نكتفي بانتظار خروجها عن الغرب ثم نقول بأنها موجودة في القرآن !! ... لذلك في هذه المرحلة لدي بعض المشاريع التي أقوم بدراستها بهدف الإثبات للعالم أجمع بأن ماورد في القرآن الكريم من علوم تخدم البشرية لم يتوصل لها العلم الحديث بعد . |
علينا استخراج النظريات العلمية من القرآن لا الاكتفاء بالإعلان عنها بعد أن يكتشفها الغرب |
علاج لنقص المناعة والشيخوخة الجنسية من القرآن |
لقد استوقفني مؤخراً دعاء سيدنا زكريا عليه السلام لربه " قال ربي إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً " وأعمل على البحث عن الإشارة التي وردت فيه من ربط العجز عن الإنجاب بوهن العظم !! حيث نلاحظ الحكمة الإلهية في هذه الآية بالتنبيه إلى وجود علم يربط الجهاز العظمي بالجهاز التناسلي ... وقد قمت بالبحث عن هذه الرابطة في كافة المجالات العلمية المتخصصة في التناسل أو الجهاز العظمي ولم أجد مايشفي غليلي إلى الآن ، و لازلت أعمل على دراستها وغيرها من الآيات إيمانا مني بأن القرآن يقدم لنا مشروعاً علمياً لم نكتشفه بعد وقد نتمكن عن طريقه من اكتشاف وسائل لعلاج مرض نقص المناعة أو الشيخوخة الجنسية أو نقصان الحيوانات المنوية ... وأؤكد على أن البحث والدراسة لآيات القرآن هي واجب على علماء المسلمين جميعاً فلهذا الغرض خصنا الله بنزول هذا الكتاب المعجز ولايصح أن نلجأ للقرآن لنقرأ على الموتى فقط !! لابد من أن يكون كتاباً للدراسة والتدريس .
نعم هذا هو بيت القصيد ، ولاتوجد أبحاث علمية غربية في هذا المجال .
أحاول أن استخرج من القرآن مفاهيم جديدة تصلح للاستخدام في تدريس المواد العلمية وقد يتساءل المرء عن وضعية لفظة الأنتربولوجية مثلاً في مفهوم الفكر الإسلامي ، وخاصة عندما يتعلق الأمر بإسقاطاتها الروحية على المجال الكوني ... وهذا ما لخصناه في حديثنا عندما استعملنا مصطلح (( الأنتربوكونية )) ، حيث لا ينظر الإسلام للإنسان (نظرة المسيحية للإنسان) على أنه الكائن الذي يحمل الخطيئة ، وأن اللعنة تلاحقه أينما رحل ، فعلاقة الإنسان بالكون في المسيحية هي إما أن يرفع النفس على حساب الجسد ويصبح الفرد راهبا في الدير ... أو يطلق عنان شهواته المادية على حساب الروح والنفس ، ويأتي مصطلح (( الأنتربوكونية )) بديلاً للمصطلحات العلمية الدارجة لينفي إسقاطاتها ومافيها من أخطاء في الربط بين الإنسان وعلاقته بالكون من حوله .... ولنؤكد للشباب وللعالم أجمع أن القرآن الكريم تنزل رحمة للعالمين من حيث التقدم العلمي .
في محاولة للربط بين التقنيات الحديثه والإعجاز استخدمتم الكمبيوتر لشرح الحديث النبوي " أنزل القرآن على سبعة أحرف " ، فهل لك أن توضح لنا هذه التجربة ؟
من الصعب توضيح التجربة لأنها معقدة جداً لكن خلاصتها أن التحليل المعلوماتي الكومبيوتري يفتح أمامنا آفاقاً حضارية جديدة لتراثنا نستطيع بها مواكبة التغيرات المعاصرة ولذلك لجأت إليه في تفسير بعض الأحاديث .... وقد نتساءل ماهي هذه الأحرف السبع التي وردت في الحديث ؟ .... عندما قمت بالأبحاث توصلت إلى أن الأحرف هي الأصوات لأني ربطتها بمفاتيح القرآن الكريم وقمت بتحليل أحرف القرآن فوجدت 7 أصناف كل صنف من أحرف محددة ووجدت ذلك على المستوى اللساني مطابق 100% ...
أما نتائج الكومبيوتر فإنها توضح لنا التقسيم الشامل لكل الأصوات (الأحرف) وفق التصنيف الآتي:
1_ أحرف الحلق وهي: ع، ح، أ، خ، غ، ه.
2_ أقصى الفم وهي: ن، ك.
3_ الأصوات الأسلية: س، ز، ص.
4_ الأصوات النطعية: ت، ط، د، ض.
5_ الأصوات اللثوية: ث، ذ، ظ.
6_ الأصوات المائعة: ر، ل، ن.
7_ أحرف الشفة: ب، م، ف، و.
أجريت بحث في التوراة ونشر في مركز الأبحاث العلمية في فرنسا واستدعتني مؤسسة توراتية في بلجيكا من أجل المشاركة وشرح الطريقة التي استخدمتها ، وعندما ذهبت حاولت بقدر الإمكان تقديم النتائج التي تحصلت عليها وهي أن تركيبة بعض فقرات التوراة ليست نفس التركيبة التي يدعونها وقمت بتصنيفها وقلت بأنها يجب أن تكون بشكل آخر ، الأمر الذي يؤدي إلى أن الكتب الستة المرفوضة من طرف الكاثوليك إما يجب أن تعاد للفكرة العامة للكتب أو نرفض جميع كتب التوراة والإنجيل لأن الأخطاء العلمية الموجودة في الفقرات الهامة والأساسية في التوراة تعد أخطاء علمية لاتمت للحقائق العلمية وتتناقض مع المنطق .... وقد ناقشت ذلك مع المبشرين وطلبة الحي الجامعي بفرنسا وقلت لهم : (( هل تصدقون بأن عمر الأرض هو ستة آلاف سنة ؟ )) فضحكوا ، قلت أليس هذا ما هو موجود لديكم في التوراة بأن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام وان يوم عندنا بألف سنة مما تعدون ؟ .... هذا بالطبع غير صحيح من الناحية العلمية مما يدل على وجود أخطاء في التوراة وعندما عجزوا عن إثبات عكس ذاك قال لي أحدهم : " على كل حال كيفما كان هذا الكتاب صحيح أم غير صحيح فنحن نؤمن به " .... في حين أن القرآن الكريم نستطيع أن نبرهن على كل آية فيه علمياً .... من هنا نقول أن الدين الإسلامي فيه من القضايا ما يعطي للإنسان قوة يستطيع بها أن يناقش ويناظر الآخرين حتى في الأمور المستقبلية.
تجربة لإثبات عدم إمكانية تحريف القرآن الكريم | وقد قمت بعمل مواز في هذا المجال للبرهان على الآية الكريمة التي تقول " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " فقد يأتي من يسألك كيف تبرهن أن القرآن حفظ من 15 قرن ولم يعتره الخطأ ؟ يقولون بأن القرآن أدخلت فيه الكثير من الكلمات !! .... نقول لهم فلنحاول إدخال كلمة أو لفظ في القرآن ونعطيها للآلة لتخبرنا بالنتيجة .... حاولنا إضافة لفظ موجود مسبقاً في القرآن حتى لايتعرف عليه الجهاز فأعطيته لفظ (( موسى )) عليه السلام وقمت بعملية التحديث والنتيجة نجد جميع ألفاظ القرآن تجتمع وحدها ونجد اللفظ الذي أدخلناه على القرآن موجود في الجهة المقابلة منعزلاً عن كلمات القرآن الأصلية .... ومعنى هذا من الناحية العلمية أن هذه اللفظة لا تتوافق مع التركيبة الموجودة في ألفاظ القرآن ، هذا بحث قدمته في فرنسا وقمت بنفس التجربة على التوراة والإنجيل وضما من الألفاظ كل ما أضفته لها . |
على الآباء ترسيخ ثقافة (( النقاش والبرهان )) لدى الأبناء
الله سبحانه وتعالى علمنا بأن نتعامل مع الآخرين بلغة العقل والبرهان لقوله : (( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )) ، (( قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا )) ، فمن واجب كل مسلم أن يكون محيطاً بالبراهين الصحيحة لتتضمن خطابه مع الآخرين .... كما أن هذه الثقافة لابد وأن يرسخها الآباء لدى أبنائهم مؤكدين على حرية التفكير وإتاحة المجال للأبناء لطرح الأسئلة ويبحثوا عن إجابات منطقية ولا نمنع الشباب من السؤال بذريعة الحرمانية والتسليم بالتصديق بدون تفكير .... أضرب لكِ مثالاً ، فقد جاءني ذات يوم شاب وقال لي :" بما أنك فتحت لنا هذا الباب وقلت بأن لدينا حرية التفكير أنا عندي سؤال " ، قلت له : " بالطبع وإذا لم أعطك الحرية سأكون متناقضاً مع نفسي " .... قال لي : " سؤالي طرحته على بعض الأصدقاء و حذروني من أن أطرحه على علماء الدين حتى لايتهمونني بالكفر!! ... فأنا أصلي ولا أرتكب المنكرات لكن لا أتخيل بأن القرآن منزل !! " ... سألته : " إذن من أين جاء القرآن ؟ " .... قال لي : " كتبه النبي صلى الله عليه وسلم " ، قلت له : " حسناً هل تعرف مراحل التكوين الجنيني ؟ " ... أجاب بنعم حيث أنهم يدرسونها كتطور بيولوجي تم التوصل إليه في القرن العشرين بعد اكتشاف الميكروسكوبات الالكترونية الماسحة .... وسألته : " إذن من أين للرسول عليه الصلاة والسلام أن يأتي بما ورد في هذه الآية عن مراحل التكوين الجنيني منذ 15 قرن إذا لم يكن القرآن إعجازاً منزلاً ؟ يقول الله تعالى : (( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين )) " ... اقتنع الشاب الصغير ولكني استدركت قائلاً : " انتبه هناك قضايا لن نتمكن من تفسيرها لأنها من علم الغيب " .... قال : " ولماذا لانعلم الغيب ؟ " .... ضربت له مثالا على النملة التي تمشي على الأرض والتي لايمكن للإنسان أن يسمع صوت أقدامها لأن الدبدبات التي تصدرها النملة لاتتعرف عليها طبلة الأذن ، فهي تتعرف على موجات صوتية معينة .... كذلك الضوء لانرصد حركته لأن النور يتحرك بسرعة 300 ألف كيلو متر في الثانية فلا نرى هذه الحركة ..... وهكذا خلق الإنسان ضعيفاً وله قدرات محدودة فإذا كانت أعضائنا لاتستطيع أن تتعرف على هذه الأشياء البسيطة فما بالنا بعلم الغيب ؟! ..
نذكر الجميع بأن نتعامل مع القرآن يجب أن يكون من الناحية العقلانية لا العاطفية وعلينا أن نعكف على التحليل لآياته العلمية فقط ذلك أن الآيات التشريعية لها المختصين بها ولاتدخل في هذا المجال .... وأتطلع إلى اليوم الذي أرى فيه القرآن في المختبرات والمستشفيات لنسترشد به و نصنع التكنولوجيا ونداوي الأمراض ، هذا الخطاب أوجهه للشباب ليعيدوا قراءة القرآن الكريم وينشروا علومه ففي ذلك الخير لحياتهم الدنيوية والأخروية ....
ولكِ ولمجلة عربيات والقائمين عليها أقول جزاكم الله خيراً على عملكم واهتمامكم بهذا المجال ونسأل الله أن نتعاون وإياكم في نشر هذه المعرفة وأن يجعل عملكم في ميزان حسناتكم ...