الإعلامية منى سراج: لا أنتظر صدفة بل أخوض التجارب لأحقق طموحاتي
في الوقت الذي انتشرت فيه ظاهرة انتقال الصحفي من الإعلام المطبوع إلى الإعلام المرئي، آثرت الإعلامية منى سراج أن تعكس المسار وتنتقل بتجربتها من مواجهة عدسة الكاميرا في برنامج "عيشو من معنا" إلى مواجهة الورق وطباعة أسطر نجاح جديدة في "مجلة سيدتي"، مؤكدة في حوارها لـ"عربيات" أنها لاتنتظر فرص جديدة بل تعمل على خلقها لتحقق طموحاتها.
ما هو سبب انتقال منى سراج من الإعلام المرئي إلى المطبوع بعد أن اعتبر البعض أنك الوجه التلفزيوني القادم؟
كان لاختياري المطبوع أسباب عديدة منها أنني دخلت مجال الإعلام دون تخطيط من بوابة الإذاعة، ومن ثم انتقلت إلى التلفزيون واستفدت من التجربتين كثيراً، وبالرغم من أنني كنت التقي بالمشاهد يومياً لمناقشة قضايا وطني الاجتماعية والثقافية إلا أنني كنت أشعر بالغربة عن وطني وأسرتي وكل ما له علاقة بهم، إلى أن وجدت في الكتاب وطني وأسرتي، وخرجت من تلك التجربة أكثر التصاقا بالورق وإيمانا بدوره فاتجهت لكتابة مقال شهري في احدى المجلات المطبوعة حيث كانت بالنسبة لي تجربة ثرية، عززت من قيمة الورق والكتاب الأمر الذي يجعلني أرفض إنتهاء عصر الإعلام المطبوع والكتب المطبوعة، بل أنا على ثقة بإستمراريته وهذه الثقة جعلتني أقرر الانتقال إلى مجلة "سيدتي" بهدف الإلمام بجوانب العمل الإعلامي باختلاف أنواعه "مرئي، مسموع، مطبوع".
ذكرتِ أن جواز سفرك السعودي كان بطاقة مرور لدخولك مجال الإعلام المرئي بقناة LBC، فلماذا لم يفتح لك هذا الجواز طريق المرور إلى القنوات السعودية؟
ومن قال أنه لم يفعل؟، على العكس فلقد بدأت من إذاعة البرنامج الثاني بجدة في السعودية، وجاءتني العديد من العروض التلفزيونية منها ما كان خاص بالعمل بإحدى القنوات السعودية ولكني لم أكن مستعدة للتلفزيون في ذلك الوقت. أما في الوقت الراهن فأنا قد اخترت الإعلام المطبوع بالرغم من العروض التي تلقيتها وأفكار البرامج الجديدة، لأن احتياجاتي الحالية لن يشبعها سوى الإعلام المطبوع .
يختلف سقف الحرية بين الإعلام المطبوع والمرئي، فطبيعة الإعلام المرئي والبرامج المباشرة تمنحها حرية أكبر في تناول القضايا، كيف تأقلمت سراج مع الخطوط الحمراء في الإعلام المطبوع؟
أؤكد بأنه لا توجد خطوط حمراء في عالمي ولا في أي مكان عملت به، فلقد أدركت منذ الصغر أن الخط الأحمر خط وهمي، وأن اللون الأحمر دليل للحب والقتل في آن واحد، فلو أحببت ما أقدم دون أن أقتل فأنا هنا أتخطى الخط الأحمر بحرفية، لأن الصحافة هي سلاح والصحفي المحترف يعرف متى يكون حياديا ومتى يتوقف وكيف يعود. وبالحديث عن مجلة سيدتي التي همها الأول المرأة والأسرة العربية ككل وبما أنني مسؤولة تحرير مكتب جدة أرى أن همنا أن نتابع ونحلل ونناقش كل ما يجري في نطاق منطقتنا و وإنعكاس ذلك على المجتمع السعودي ككل وصولا إلى العالم العربي، لنبرز الجوانب المضيئة والمشرقة ونتخلص من السلبية ونصل إلى "بر" محايد نقدم فيه للقراء المشكلة والحل والاستشارة والوسيلة.
باعتقادك ما هي أهم مواصفات الإعلامي لينجح في الوقت الذي انتشر فيه مفهوم المواطن الصحفي الذي يستثمر أدوات النشر الإلكترونية خاصة الشبكات الاجتماعية والمدونات واليوتيوب وغيرها؟
إجابة هذا السؤال شائكة، وبالرغم من أن التكنولوجيا ساهمت في أن يتحول الشخص العادي إلى صحفي وناقل للخبر من خلال القناة التي يراها مناسبة له إلا أن الأمر في الأخير يعتمد على مدى الحرفية والمهنية التي تقدمها الوسيلة الإعلامية، وبالرغم من المتغيرات التكنولوجيا والتي ساهمت في تعدد وسائل الاتصال ظلت مواصفات الإعلامي الناجح ثابتة تجمع بين الإخلاص والحيادية و لاحترام والمهنية العالية إضافة إلى أن يكون الإعلامي واثقا في قدراته وراضياً عن ما يقدمه.
بعد تجربتك في عيشوا معنا ما هو تقييمك للعمل الجماعي، وهل كانت تواجهكم مشاكل في توفيق الرؤى والأداء؟
لا يوجد أجمل من العمل الجماعي خاصة عندما تكون الأهداف متقاربة والعمل موجه لتحقيق الغاية ذاتها، فلازلت أصر على أن الروح الطيبة و المهنية هي اللاعب الرئيسي في أي عمل، وأعتقد أن فرصة الظهور مع الزملاء كانت أكثر من رائعة بدءا بالزميل علي العلياني الذي كانت تعد تجربته الثانية بعد برنامج "كلام في الحرب"، فاخذ على عاتقه مساعدتنا ودعمنا والأخذ بيدنا أنا وزميلتي غادة لذا اعتبره معلمي.
كانت أمنيتك تقديم برنامجا سياسيا يناقش القضايا الساخنة والمستجدات على الساحة، فهل الخطوط الحمراء هي سبب تأجيل هذا المشروع؟ وكيف باعتقادك يمكن للإعلامي أن ينجح في المجال السياسي بوجودها؟
فرصة النجاح في الطرح السياسي متاحة، ولا أرى أن هناك خطوطا حمراء في حضرة الحيادية والمهنية والاحترام، ومازالت الطرق إلى هذا الحلم مفتوحة، وكما قلت لكِ رغبتي في التوقف عن الظهور التلفزيوني كانت وراء تأجيل تحقيق هذا الحلم، إضافة إلى أن تجربة عيشوا معنا احتاجت مني بذل الكثير من الجهد والعمل على تطوير نفسي وقدراتي وطريقة تقييمي للأمور لكي تنجح، وفي حال رغبت خوض تجربة برنامج سياسي حقوقي إنساني والتي احلم بها لا بد أن أكون قد وصلت أولا إلى مستوى خبرة يساعدني على نجاح البرنامج.
ما هي مواصفات "القناة/البرنامج" الذي تنتظره منى سراج؟
السمعة الطيبة والإلتزام والتقدير للعمل الجيد، وكذلك الدعم المستمر والتدريب بالإضافة إلى احترام المشاهد ومراعاة الذوق العام.
كان لك صفحة في إحدى المجلات تتواصلين من خلالها بمقال مع القارئ، كيف كانت الخطوة وما تقييمك للتجربة؟
كانت من أجمل ما قدمت لنفسي ولمسيرتي في المجال الإعلامي، فالفرصة في التعبير الكتابي رائعة لا يضاهيها شيء، بداية من اختيار الفكرة وبلورتها إلى إخراج المقال أو العامود ونشره وإعادة تذوق الكلمات كقارئة وكأنني لم أكتبها. هذه التجربة جعلتني أشعر بالسعادة خاصة عندما كنت التقي ببعض القارئات من دول الخليج ويتعرفن عليّ ككاتبة زاوية فقط وكأنهن لم يتابعنني على التلفاز من قبل، الأمر الذي جعلني أؤمن بأن للقلم والكلمة المكتوبة صوت وصدى لا يصل بعيدا فحسب إنما يؤثر بالرغم من عصر الفضائيات الذي نعيشه.
كان لجدك الشاعر حسين سراج رحمه الله بالغ الأثر في تعلقك بالقراءة، ما هي الكتب التي تقرأها سراج، وكيف يقع اختيارك عليها؟
أخذت عهداً على نفسي منذ 4 سنوات بأن أقرأ كل ما تقع عيني عليه ومازال العهد مستمراً، واختار الكتاب بطرق عديدة تختلف باختلاف مكان شرائي له، فعندما أدخل المكتبات الموجودة في الأزقة بالقاهرة أخرج بكتب عن التسامح بين الأديان والتطلع إلى المذاهب الأخرى، وحينما أذهب في جولة لمكتبات بيروت القديمة أنتزع من على رفوفها كتب التاريخ والسياسة والحراك السريع، وقد تكون مكتبات دول الخليج الأبرز في انتقاء الروايات الحديثة والتي قد يُمنع بعضاً منها هنا.
هل تشعر سراج بالحنين إلى الشاشة الفضية؟
بالطبع نعم، لكن هذا الحنين مقنن وأعيشه بصورة طبيعية، خاصة وأنا من اختار هذا الدور في هذه الفترة.
تلعب الصدفة دورا رئيسا في مسار حياتنا، وقد قادتك يوما للعمل الإعلامي، فما هي الصدفة التي تتمناها سراج وتنتظرها؟
لم أعد انتظر مصادفات، فاليوم لا مجال للانتظار لأنني لم أعد صغيرة كما أن الحياة لم تعد سهلة، وقد أصنع المصادفات لنفسي بطريقة أو بأخرى.