البطالة والإسكان والتعليم على رأس قائمة الأولويات، والإطار الزمني والخطط المصاحبة ضمان للتنفيذ
مع عودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى أرض الوطن حلت بشائر الخير بمجموعة من القرارات والأوامر الملكية التي صافحت المواطنين مستجيبة لتطلعات كافة فئات المجتمع في توفير حياة كريمة. ومع عدد من الخبراء والمحللين تقرأ "عربيات" أبرز ما جاء في الأوامر الملكية من توجيهات للتعرف على انعكاساتها.
حسين شبكشي: القرارات واجهت أهم التحديات بحلول قصيرة وبعيدة المدى
في قراءة للأوامر الملكية يقول رجل الأعمال والإعلامي حسين شبكشي: "من الواضح وجود توجه لإيجاد حلول لعدد من المشاكل ومن بينها مشكلة البطالة التي صدرت بشأنها عدة توجيهات من بينها رفع رأس مال البنك السعودي للتسليف حتى يتمكن من تمويل ورعاية عدد أكبر من المنشآت الصغيرة والناشئة وبالتالي يتحول العاطل من باحث عن عمل إلى صاحب عمل خاص، وكذلك تخصيص جزء من موارد صندوق تنمية الموارد البشرية لتقديم إعانات مالية مؤقتة للشباب الباحث عن عمل كحل عاجل وسريع يعالج انعكاسات أزمة البطالة إلى أن يتم تطبيق الحلول الجذرية. كما تضمنت الأوامر الملكية توجيهات ستسهم في توسيع قاعدة صندوق التنمية العقارية وإيجاد حلول لمشكلة المساكن، واللافت كذلك الإهتمام بدعم التعليم من خلال إلحاق المزيد من المبتعثين ببرنامج الإبتعاث الخارجي في تخصصات تنموية هامة".
الإطار الزمني والخطط المصاحبة تؤكد على جدية التوجيهات، والتجربة أهم برهان
واعتبر شبكشي أن مشاكل البطالة والإسكان والتعليم تعد من أهم التحديات التي واجهتها الأوامر الملكية بحلول حكيمة، قائلاً: "الملاحظ أن التوجيهات استجابت إلى الاحتياجات الفعلية، وتضمنت حلول سريعة بالإضافة إلى التوجيه بدراسة الحلول بعيدة المدى ووضع إطار زمني لتقديم الدراسات والحلول الجذرية المقترحة، وبذلك أعتقد أننا الآن نقف على أرضية مهيئة للبناء في الإتجاه الصحيح ولاستقبال المزيد من القرارات بناءًا على معطيات الدراسات التي تم التوجيه بالإسراع في تقديمها".
وعن إنعكاسات ذلك على المواطن، يقول: "هذه رسالة من خادم الحرمين الشريفين تؤكد للمواطن أن القيادة تحمل الهموم التي يحملها وتشعر بصعوبة البحث عن عمل والحصول على قرض سكني، والتجربة أهم برهان، حيث نتمنى أن لاتعطل البيروقراطية هذه النوايا العظيمة والتوجيهات الحكيمة بل تتحول الآمال إلى واقع في القريب العاجل ينعكس إيجاباً على الإقتصاد بشكل عام، فعلى سبيل المثال تيسير الحصول على القروض السكنية سيساعد القطاع الإنشائي والمقاولات على التوسع، ومن المتوقع أن يخلق ذلك فرص وظيفية لتغطية كافة متطلبات البناء والأثاث وغيرها، فالإستفادة كبيرة ومن الواضح أن القرارات كانت مدروسة وليست مجرد مسكنات كما يعتقد البعض".
الدكتور خالد الحارثي: القرارات عكست الدراية بالإحتياجات والأولويات
أما الدكتور خالد الحارثي رئيس مركز "آرك" للاستشارات فعلق قائلاً: "إن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أبى إلا أن يعود إلى أرض الوطن ببشارات تسعد شعبه، أبرزها من وجهة نظري قرار تثبيت بدل غلاء المعيشة بمقدار 15% ضمن الراتب الأساسي في مدة أقصاها ثلاثة أشهر وإقرار إعانة مالية مؤقتة للشباب الباحث عن العمل حرصاً على توفير الحد الأدنى لتصريف الأمور المعيشية، وهو مايتم اللجوء إليه في دول عديدة اليوم في ظل محدودية فرص العمل، وأعتقد أن الدور المناط بصندوق تنمية الموارد البشرية سيكون كبيراً لضمان وضع الآليات والإجراءات الدقيقة والسليمة لتطبيق هذا القرار بالإضافة إلى المساهمة في تنمية قدرات ومهارات الشباب بما يتناسب مع سوق العمل".
وخالف الحارثي الآراء المطالبة برفع الحد الأدنى للأجور، قائلا: "التدخل في الحد الأدنى للأجور يتنافى مع حرية السوق ومع الاتفاقيات الدولية التي تلتزم بها المملكة العربية السعودية، كما أن وزارة العمل أشارت في وقت سابق إلى عدم وجود توجه لمثل هذا الإجراء الآن، أما الخطوة التي بادر بها خادم الحرمين الشريفين فهي الخطوة المناسبة في الوقت المناسب الذي يشهد ارتفاع معدلات البطالة بسبب ازدياد التعداد السكاني وعدد الخريجين والأزمة المالية العالمية وماخلفته من تباطؤ اقتصادي انعكس سلباً على ظاهرة البطالة، فكانت هناك حاجة كبيرة إلى مثل هذه القرارات ليتمكن الباحثين عن عمل من تغطية تكاليف المعيشة".
ضرورة تلافي إفراز التعليم لظاهرة (البطالة الإحتكاكية)
ويضيف الحارثي عن انعكاسات الأوامر الملكية على قطاع الشباب تحديداً، بقوله: "الأوامر المتعلقة بتوسيع نطاق برنامج الإبتعاث ليشمل عدد أكبر من المبتعثين في تخصصات معينة توضح أن الدولة على دراية باحتياجاتها الفعلية، أما بقية التخصصات فهي إما متوفرة في الجامعات السعودية أو هناك فائض من خريجيها لا يمكن لسوق العمل استيعابه، لذا أتمنى أن يتم إغلاق بعض التخصصات لفترة معينة حتى يتم امتصاص هذا الفائض أو على الأقل الحد من عملية القبول والتسجيل فيها لتلافي ما يسمى بـ(البطالة الإحتكاكية) التي تنشأ عن عدم التوافق والتوازن بين مخرجات التعليم و متطلبات سوق العمل"... ويضيف: "القطاع الخاص اليوم أكثر دايناميكية واحتياج لمهارات في اللغة وفي استخدام التقنيات والأساليب الإدارية الحديثة، ومتى ماتوفر ذلك في الشاب السعودي سنتمكن من مواجهة اجتياح العمالة الوافدة لبعض المجالات المهنية والفنية، لذا نأمل أن تتمكن المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني من تأهيل الشباب بالشكل المطلوب حتى لا يواجه القطاع الخاص مشكلة الحاجة إلى إعادة تدريب وتأهيل الخريج قبل توظيفه".
بعض القرارات عالجت قصور وجمود الأنظمة واللوائح
ويستطرد الحارثي قراءته للأوامر الملكية، قائلاً: "الملاحظ أن بعضها قد جاء مصاغاً لمعالجة بعض الأنظمة واللوائح التي لم يتم تحديثها منذ زمن بعيد ومنها على سبيل المثال القرارات المتعلقة بالتنمية العقارية، وأعتقد أنها خطوة نحو تطوير وتحديث الأنظمة لتدعم وتتوافق مع الخطط التنموية. كما أن أغلب القرارات كانت مرفقة بخطط وتوجيهات وإطار زمني للتنفيذ ولإطلاع ولي الأمر على النتائج والتنفيذ، مما يكشف عن أن التوجيهات واضحة وصريحة، ومؤكدة على أننا نعيش مرحلة تطوير وإصلاح حقيقي سنجني ثمارها بإذن الله".
ريم أسعد: ضرورة أن تشمل الإعانة الذكور والإناث
ريم اسعد المحلل الاستثماري وأستاذة التمويل والاستثمار في كلية دار الحكمة، ثمنت العطاء وتخوفت من التنفيذ، بقولها: "نهنيء أنفسنا أولاً على عودة خادم الحرمين الشريفين الى أرض الوطن سالما، وللأمانة أشعر بسعادة يداخلها الفخر لأنه مليكنا الذي يملك دائماً الرؤية الحكيمة في إصدار القرارات والتشريعات المناسبة لشعبه، أما ما أخشاه فهو أن لايرتقي التنفيذ إلى هذه الرؤية والتطلعات الصادقة".
وعن قرار تقديم الإعانة المالية المؤقتة للعاطلين عن العمل، تقول: "في أغلب الدول المتطورة اقتصادياً يطبق هذا الأمر، فالإعانة تكون لفترة محددة يصاحبها في بعض الأحيان بطاقات لشراء المواد الغذائية والحصول على العلاج في المستشفيات، أما وقد صدر قرار الإعانة المالية فأتمنى أن تشمل الذكور والإناث، وأخص الإناث اللاتي ليس لهن عائل أو يبحثن عن وظيفة لإعالة أسرهن".
مساواة المواطن بالوافد في الحد الأدنى للأجور
وأشارت أسعد إلى ضرورة تحديث بعض التشريعات التي بوسعها أن تدعم الخطوات الرامية إلى الحد من البطالة، بقولها: "وفقاً للتقارير والإحصائيات العامة تبلغ نسبة البطالة بين النساء 29% وبين الشباب 10% إلى 12% من إجمالي قوة العمل، وبالتالي لابد من تحديث الأنظمة والتشريعات المتعلقة بالتوظيف في القطاع الخاص للتحفيز على الإلتحاق به خاصة وأن القطاع العام لايستوعب بهيكلته الحالية الأعداد المتزايدة من العاطلين عن العمل، ومن بين هذه التشريعات مايتعلق بالحد الأدنى للأجور شريطة تطبيقه على المواطن والمقيم حتى لا يتم إحلال المواطن بالوافد بذريعة أنه يتقاضى أجر أقل".
الدكتور عبدالمحسن القحطاني: دعم الأندية الأدبية ينعكس على الحراك الثقافي ويوسع نطاق انتشار المعرفة
وفي تعليق على دعم الأندية الأدبية يقول رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبد المحسن القحطاني: "الأندية الأدبية حاضنة للكلمة التي انطلقت في عهد خادم الحرمين الشريفين وباتت حرة وبناءة، تتسم بالعقلانية والواقعية والصدق. ولعل تقدير خادم الحرمين الشريفين للكلمة المعبرة والمؤثرة التي تحتضنها الأندية الأدبية هو ما دفعه إلى الحرص على دعمها لتخدم كافة أطياف المجتمع"... ويضيف: "لكي تمارس الأندية الأدبية الدور المطلوب وتسهم في الحراك الثقافي والأدبي والمعرفي، فهي بحاجة إلى البنية التحتية أو المقرات التي تمارس من خلالها أنشطتها والموارد البشرية والمالية، ولو تمكنا من دعم دور الأندية الأدبية وإمكانياتها في كل منطقة ستكتمل المنظومة وتشع الكلمة النيرة البناءة والحوار الذي قام خادم الحرمين الشريفين بتأسيسه وترسيخه، فمن خلال الأندية الأدبية بوسعنا نشر ثقافة الحوار وإقامة الندوات التفاعلية المختلفة على مدار العام".
مواكبة تقنيات النشر الإلكتروني أحد أهدافنا لنشر الثقافة والمعرفة
وبسؤاله عن ما إذا كانت الأندية الأدبية قد أدت دورها، أجاب: "نعم، لكن المجتمع يتطلع إلى المزيد، وما أتمناه من كل شخص ينتقد أداء الأندية الأدبية أن يقوم بزيارتها أولاً ليتمكن من تقييم ماتقدمه وفقاً للإمكانيات المتاحة لها"... أما عن إسهامات نادي جدة الأدبي الأخيرة، فيقول: "قام النادي بإصدار أكثر من 22 عدد لخمس دوريات، وقد واكبنا التقنيات الحديثة بتوفيرها على الإنترنت بالإضافة إلى النسخ المطبوعة، كما سيتم مناقشة إصدار الكتب الإلكترونية بهدف نشر الثقافة والمعرفة لمختلف فئات المجتمع".