ترأس الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان الجلسة الإفتتاحية لفعاليات اليوم الثاني من أيام منتدى جدة الإقتصادي لعام 2001م،حيث إستعرض في كلمته النموذج الأوروبي في إعتماد الإقتصاد الحديث على المعرفة والمعلومات.وأشاد في هذا الصدد بالتجربة الأوروبية الخاصة بالوحدة الإقتصادية وإستحداث عملة أوربية موحدة (اليورو) التي إعتبرها من أهم مقومات إقتصاد أوروبا الحديث ، مشيراً إلى أن اليورو سوف يصبح العملة الرئيسية لحوالي 11 دولة أوروبية إعتباراً من نهاية العام الحالي.
وفيما يتعلق برؤيتة للعولمة قال ديستان "نحن لا نتفق مع من يرى أن العولمة تعني إنفراد لاعب فقط بمقدرات الأمور على الساحة العالمية.بل أن العولمة حسبما نراها هي وجود أرض مشتركة تضم مجموعة منت اللاعبين ، لكل لاعب منهم دوره وهويته وثقافته ودينه وعلى كل لاعب من هؤلاء أيضاً أن يدرك قواعد اللعبة والمبادئ التي تقوم عليها وعلى شخصية وسلوك الأطراف الأخرى للوصول إلى تفاهم كامل حول كل الأمور.
وحول المستقبل المتوقع للإتحاج الأوربي،قال ديستان "أننا نمر بمرحلة إستقطاب بين إتجاهين متضادين ، أولهما يدعو إلى الوحدة والإندماج ، والإتجاه الثاني يدعو إلى التوسع وزيادة عدد الأعضاء ضمن الإتحاد". وأضاف أن قوة الدور الأوربي في المشاركة في عملية السلام بالشرق الأوسط تتطلب إجراءات أكثر فعالية ومن ثم فمن الضروري إطلاق مبادرات جديدة بعد إتمام عملية الإندماج الأوروبي .
ومن جهة ثانية أشاد ديستان بالتحربة السعودية ، وبما حققته المملكة خلال الثلاثين عاماً الماضية كما شدد على أهمية وثقل حجم الدور السعودي على الساحة الدولية،ودعا إلى تطوير الحوار العربي الأوروبية.وذكر أن فرنسا قامت ومازالت تطلع بدور مهم في تفعيل العلاقات الأوربية العربية وأوضح في هذا الصدد دور بلاده في تعزيز التعاون الثقافي والحضاري مع الدول العربية والمتمثل في عدة مبادرات منها معهد العالم العربي في باريس.كما أشار إلى دور بلاده في دعم عملية السلام في الشرق الأوسط.وحذر ديستان من تجاهل الدور العربي على الساحة الدولية ، وقال أن هذا الدور قادم بقوة في المستقبل.
وفي الجلسة الثانية من جلسات اليوم الثاني تحدث البروفيسور ليستر ثورو،إستاذ الإدارة والإقتصاد في معهد MIT الأمريكي،حول التقدم التكنولوجي وثورة الإتصالات التي يشهدها العالم حالياً،وما أفرزته هذه الثورة من توابع وتأثيرات على الإقتصاد العالمي.وطالب بروفيسور ثورو دول العالم النامية بضرورة تطوير مرافق البنية الأساسية اللازمة للتعليم والتقدم التكنولوجي ومن ثم تهيئة المناخ الملائم لإجتذاب الإستثمارات الأجنبية.وأضاف أن رؤوس الأموال الأجنبية تفكر بطريقة منطقية قبل الإستثمار في دولة ما، مدللاً على ذلك بظهور الشركات العملاقة وإزدهار الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان،حيث التقدم التكنولوجي والبنية الأساسية القوية،في حين ما تزال الدول النامية في معظمها دول تعتمد على الزارعة فحسب كما كان الحال عليه قبل 200 عام.
ثم جاء الدور على متحدث آخر وهو السيد غلين أوربان ، الباحث خبير التسويق وتطوير المنتجات الجديدة وعضو هيئة التدريس بمعهد MIT الأمريكي ، والذي تحدث عن واقع ومستقبل تقنية شبكة الإنترنت وكيفية الإستثمار فيها وفي شركات تقنية المعلومات ، وقال أن هذه الشركات حققت المرجو منها بعض الأحيان ولكنها أيضاً خيبت الآمال في أحيان أخرى ولم تحقق الهدف المنشود فيما يتعلق بتحقيق الأرباح لاسيما تلك المواقع المعنية بتقديم المنتجات الصحية والبيئية ، وكذلك فشل الشركات التي تعمل في مجال الشحن والنقل بواسطة الإنترنت . وقال في هذا الإتجاه أن هناك أكثر من 50 شركة قد فشلت في تقديم خدمات من هذا النوع عبر الإنترنت.
ومن جهة أخرى فقد شهد اليوم الثاني من أيام المنتدى إقامة عدداً من المؤتمرات الصحفية التي شارك فيها مجموعة من رجال الإعلام ، حيث تحدث الدكتور هنري عزام ، العضو المنتدب وكبير الإقتصاديين في مجموعة الشرق الأوسط للإستثمار في بيروت عن واقع التجارة الإلكترونية في الوطن العربي ، وكذلك تحدث عن أسواق الأسهم ومعدلات النمو التي حققتها الدول العربية في العالم الماضي ، وما هو مأمول تحقيقه خلال العام الحالي . وقال الدكتور هنري أن معدل النمو قد إرتفع بشكل ملموس في دول الخليج العربي خلال العام بنسبة تراوحت بين 5 – 8% بالإسعار الثابتة . والمتوقع أن يستمر هذا النمو خلال العام الحالي في الصعود ، وعزا ذلك إلى زيادة مداخيل الصناعة النفطية نتيجة إرتفاع السعر العالمي للنفط خلال العام الماضي.
وأشار الدكتور هنري عزام إلى أن نسبة النمو في القطاع الخاص سوف تكون أفضل في عام 2001م من العام الماضي ، بإعتبار أن الموازنات العامة لدول الخليج هي موازنات توسعية مما يضمن توفير سيولة أكبر في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في العام الحالي.
ومن جهة أخرى قال رجل الأعمال السعودي حسين علي حسين شبكشي ، أن حجم سوق التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليج قد بلغ 300 مليون دولار خلال العام الماضي ، وأن حجم الزيادة في هذا القطاع سوف يتراوح بين 3 – 5% سنوياً.
ونبه شبكشي ، إلى ضرورة الإهتمام بتطوير مرافق البنية الأساسية ، وإيجاد التشريعات القانونية اللازمة لتوفير بيئة أفضل للتجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي . ودعا إلى ضرورة وجود شركات إتصالات متنافسة حتى يتم إثراء هذا المجال وتوفير أفضل الخدمات بأقل تكلفة.